كشفت صحيفة هآرتس الإسرائيلية عن حدوث تقدم ملحوظ في المفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية فيما يتعلق بتقليص نشاط الجيش الإسرائيلي في المدن الفلسطينية وتحديدًا في المناطق A، المُعرفة وفق اتفاقيات أوسلو كمناطق تخضع أمنيًا للسلطة الفلسطينية، هذا ما صرّح به مسؤولون فلسطينيون ودبلوماسيون غربيون لمراسل صحيفة هآرتس، باراك رابيد. من المنتظر أن يتلقى اليوم وزراء المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغّر للشؤون الأمنية والسياسية، للمرة الأولى، تقريرًا مُفصلاً عن النتائج التي تم التوصل إليها في المفاوضات.
كشفت صحية “هآرتس”، قبل ثلاثة أسابيع، عن أن إسرائيل والسلطة الفلسطينية تعقدان مفاوضات سرية تتعلق بإعادة السلطة الأمنية في الضفة الغربية، تدريجيا، إلى الأجهزة الأمنية الفلسطينية. اقترحت إسرائيل أن يوقف الجيش الإسرائيلي عملياته في المنطقة A فيما عدا العمليات التي تتعلق بـ “القنابل الموقوتة”.
يُدير تلك المفاوضات من الجانب الإسرائيلي مُنسق العمليات في الأراضي، الجنرال يؤاف مردخاي وقائد منطقة المركز، روني نوما. ويشارك في المفاوضات من الجانب الفلسطيني وزير الشؤون المدنية، حسين الشيخ، رئيس المخابرات العامة، ماجد فرج، ورئيس الأمن الوقائي زياد هب الريح. اقترحت إسرائيل، خلال المفاوضات، أن تكونا مدينتا رام الله وأريحا أول مدينتين يخرج منهما الجيش الإسرائيلي، وإذا نجحت الخطوة، سيمتد ذلك إلى مدن أُخرى في الضفة.
رفض الفلسطينيون هذا الاقتراح وطالبوا أن يخرج الجيش من كل المُدن الفلسطينية في المنطقة A التي تتولى السلطة الفلسطينية فيها السلطة المدنية والأمنية الكاملة. ادعى الفلسطينيون أن الموافقة على الاقتراح الإسرائيلي ستكون بمثابة منح إسرائيل شرعية لدخول كل المدن في الضفة الغربية والموافقة على خرق إسرائيلي، أحادي الطرف، لاتفاقات أوسلو.
لم يتم إطلاع وزراء المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغّر للشؤون الأمنية والسياسية على تفاصيل المفاوضات، التي خاضها بشكل كامل ضباط من الجيش الإسرائيلي، وحصلوا على تفويض من رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع موشيه يعلون. نشر الوزيران اليمينيان في حكومة نتنياهو، زئيف ألكين ونفتالي بينيت، تصريحات ناقدة جدًا بعد سماعهما عن تلك المفاوضات.
قال مسؤولون إسرائيليون ودبلوماسيون غربيون، الذين أدلوا بتصريحات لصحيفة هآرتس مُفضلين إخفاء هوياتهم نظرًا لحساسية الموضوع، إنه في الأسابيع الأخيرة عُقدت ثلاثة لقاءات بين الطرفين والتي تم الحديث فيها عن تقليص عمليات الجيش الإسرائيلي داخل المُدن الفلسطينية. قام طاقما المفاوضات، وفق تصريحاتهما، بالتوصل إلى حل بعض الخلافات وحصل تقدم ما، ولكن لا يتيح ذلك بعد عقد اتفاق تام.
يحاول الطرفان، الفلسطيني والإسرائيلي، إظهار المفاوضات على أنها تُجرى في إطار التنسيقات الأمنية فقط ولا تحمل طابعًا سياسيًا. أشار مسؤول فلسطيني إلى أن الطلب الفلسطيني الأساسي هو الحصول على المسؤولية الأمنية الكاملة على المدن الفلسطينية الكبيرة وعدم الموافقة على تقسيم من نوع “أريحا ورام الله أولاً”. سيلتزم الفلسطينيون، وفق كلام المسؤول، بمتابعة التنسيق الأمني مع إسرائيل مُقابل توقف الجيش الإسرائيلي عن الدخول إلى مدن الضفة الغربية، ولكن لا يتضمن ذلك وقف أية خطوة سياسية مثل وقف القضايا المطروحة على طاولة مؤسسات الأمم المُتحدة أو التنازل عن المُبادرة الفرنسية القاضية بعقد مؤتمر دولي في الصيف.
حذّر الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في مقابلة له مع الصحفية إيلانا دايان والتي بثتها القناة الثانية ضمن برنامج “عوفدا” (حقيقة) في الأسبوع الفائت، من أنه قد يتسبب عدم تقليص دخول الجيش الإسرائيلي إلى المدن الفلسطينية بانهيار السلطة الفلسطينية. وقال إنه مُلتزم بالتنسيق الأمني مع إسرائيل ولكنه طالب رئيس الحكومة نتنياهو بإصدار أمر بوقف عمليات الجيش الإسرائيلي داخل المدن الفلسطينية في الضفة الغربية.