يبدو أن الشرق الأوسط قد شهد كثيرا من التقلبات في السنوات الماضية: إقامة تحالفات وتفككها، تعاون بين أعداء لدودين من أجل المصالح، واندلاع حروب إعلامية وخمودها. في الأسابيع الماضية، ترد تقارير كثيرة حول تقارب هادئ بين حماس – الفرع الفلسطيني للإخوان المسلمين- وبين مصر، التي أعلن رئيسها عبد الفتّاح السيسي حربا ضدها كما هو معروف.
والدليل لهذا التقارب هو اللقاء الذي سيعقد اليوم في القاهرة بين مسؤولين كبيرين في حماس، وهما موسى أبو مرزوق وإسماعيل هنية، وكبار المسؤولين المصرين. ويقول مسؤولون في إسرائيل إن حماس بذلت جهودا لتقديم “مهر” لمصر من أجل تحسين العلاقات بينهما، وهو تبريد العلاقات مع داعش في سيناء.
في السنوات الأخيرة، ادعى المصريون أن حماس، إضافة إلى أنها قدمت استشارة ومساعدة عسكرية للإخوان المسلمين في مصر، ساعدت الإرهاب في سيناء أيضا، لا سيما أنها تقيم علاقات تجارية عبر الأنفاق، مع “ولاية سيناء”، الفرع المحلي لداعش.
يقول مسؤولون إسرائيليون إن هناك فتور في العلاقات بين داعش وحماس، ولكنها ما زالت قائمة، وتنتظر حماس رؤية كيف ستتقدم المصالحة مع مصر قبل انقطاعها نهائيًّا.
من الجدير بالذكر، أن في حماس يدور جدال حاد بين الجناح العسكري والجناح السياسي حول السياسة التي يجب اتباعها. ففي حين يعتقد الجناح العسكري أنه يجب الاعتماد بشكل حصري على الحرس الثوري الإيراني، يُفضل الجناح السياسي البقاء على علاقة بالعالم السني. تعاني حماس في غزة من عجز مالي هائل وضائقة اقتصادية لا يبدي الإيرانيون رغبة في حلها سريعا، ولذلك فهي تحتاج بسرعة إلى مساعدة اقتصادية، قد تلبيها مصر إذا فتحت معبر رفح.
من جهة حماس، قد تؤدي المصالحة مع نظام السيسي إلى مشاكل مع الإخوان المسلمين في مصر، ولكن يبدو أن الخيارات أمام الحركة قليلة في الراهن.
ومن جهة مصر، تبدو هذه الخطوة مفاجئة، خاصة أن علاقاتها مع إسرائيل الآن أفضل من أي وقت مضى (قبل نحو أسبوع، ساعدت مصر إسرائيل في مجلس الأمن الدولي)، ومن الواضح أن الرئيس المصري يرغب في الحفاظ على علاقات جيدة مع رئيس الولايات المتحدة الذي سيدخل البيت الأبيض قريبا، دونالد ترامب.
إن دفء العلاقات مع حماس، والتي تصنفها الولايات المتحدة على أنها تنظيم إرهابيّ، ليست الطريقة الأفضل لتحقيق الهدف. رغم ذلك، يرغب السيسي في تحقيق تأثير وسيطرة أكبر على ما يحدث لدى الفلسطينيين، لا سيّما في ظل التقديرات أن نهاية ولاية الرئيس عباس باتت وشيكة.
ومن جهة إسرائيل أيضا، فإن تأثير مصر على ما يحدث في غزة ليس سيئا بالضرورة، حيث تؤثر على حماس الآن قطر وتركيا من جهة وإيران من جهة أخرى – طبعا لا يدور الحديث عن تأثير يمتاز بالاعتدال.