السياسي الأقوى في إسرائيل ولد في المغرب وقدم إلى إسرائيل وهو في ال5 من عمره. وقبل أن يصبح صاحب منصب مفصلي في حكومة نتنياهو، أمضى شوطا طويلا من عمره كنائب رئيس بلدية ومدير ناد كرة قدم. دافيد بيتان هو رجل المهام الصعبة في حكومة نتنياهو، والشخص الذي يناضل يوما من أجل بقاء نتنياهو الغارق حتى أذنيه في تحقيقات، في القمة.
في السنة الأخيرة، أصبح بتيان أكثر السياسيين الليكوديين شهرة في إسرائيل. فمنذ أن تولى منصب رئيس الائتلاف الحكومي، لم يعد أحد في إسرائيل لا يسمع عنه يوميا، وعن أسلوبه الخاص في تسيير عمل الحكومة. كل شيء يحصل في ائتلاف نتنياهو الذي يضم حزبا دينيا إلى جانب حزبا علمانيا، وحزبا وسطيا إلى جانب حزب متطرف، يمر تحت يديه. لا شيء يكون من دونه. تعرفوا إلى السياسي الذي تحوم حوله شبهات عديدة بتورطه مع مجرمين في السوق السوداء واستغلال منصبه في بلدية ريشون لتسيون لتعيين أقرباء.
قدم إلى إسرائيل من المغرب
بيتان البالغ من العمر 56 عاما، ولد في المغرب وقدم إلى إسرائيل وهو ابن 5 سنين. استقرت عائلته في حي فقير في مدينة ريشون لتسيون في مركز إسرائيل. وتوفيت أمه بعد وقت قصير من وصول العائلة إلى إسرائيل. درس المحاماة في جامعة تل أبيب، وبعد حصوله على رخصة مزاولة المحاماة، انتخب كعضو في مجلس ريشون لتسيون، ممثلا عن حزب ليكود.
ورغم أنه أنشأ مكتبا خاصا يقدم خدمات قانونية، إلا أن أشغاله السياسية أصبحت تأخذ القسط الأكبر من وقته. وبنى نفسه في حزب ليكود إلى أن نال ثقة نتنياهو وعين قبل نصف سنة رئيس الائتلاف الحكومي بعد أن لمح نتنياهو قدراته على الإقناع وقوته في التفاوض. وبتيان اليوم يعيد لنتنياهو هذه الثقة. ولا أحد يشكك في أن بيتان سيكون وزيرا إن ظل حزب ليكود يحكم إسرائيل في السنوات القادمة.
الولاء لنتنياهو فوق كل شيء
نجح بيتان في التقدم في حزب الليكود بفضل خبرته الكبيرة في الحك المحلي، فهو يعرف الشارع جيدا. وأسلوبه الشعبي يقربه من الناس بسرعة ويكسبه الدعم. وسرعان ما تحول إلى أقرب السياسيين لنتنياهو. وولاؤه لنتنياهو منقطع النظير. فقبل أشهر قليلة أثبت هذا الولاء الأعمى على شكل مؤتمر أقامه من أجل دعم نتنياهو، بعدما بدأت التحقيقات ضده تكتسب زخما، وبدا أن رئيس الحكومة يفقد من قوته في الائتلاف.
فجاء رد بينان على الفور، فأجرى مؤتمرا لتتضامن مع نتنياهو، حيث ألقى نتنياهو الخطاب المركزي فيه وقدم دفاعا قويا عن نفسه، وقال خلاله إن إسرائيل تشهد محاولة انقلاب عليه، وأن الإعلام تكالب من جهات سياسية وقضائية من أجل إسقاطه بدل تبديله بصورة شرعية عبر صناديق الاقتراع. ومن شكك في قدرة بيتان على جمع الليكود في بقعة واحدة، اكتشف أن الرجل يملك نفوذا عظيما في الحزب، فأحد لم يتجرأ على الغياب من المؤتمر. نداء بيتان لبي من الصغير والكبير في الليكود.
وقد أصبحت المعركة التي يديرها بيتان اليوم لإبقاء نتنياهو أشرس من ذي قبل، فقد تولى مهمة تمرير مشروع قانون يرمي إلى تجنيب رئيس حكومة في المنصب من تحقيقات الشرطة، أي أن الشرطة لن تكون مخولة للتحقيق مع رئيس حكومة حتى لو أنها تشتبه بقيامه بأعمال غير قانونية، ويجب عليها الانتظار حتى ينهي ولايته. وقد سمي هذا القانون في إسرائيل ب “القانون الفرنسي” نسبة لمادة قانونية مشابهة في الدستور الفرنسي. والمنطق منه، هو أن رئيس حكومة لا يقدر على القيام بمهامه وهو يدخل ويخرج من غرف التحقيق. فالأجدر الانتظار حتى ينهي مهامه. ويقول منتقدون للقانون إن الليكود يسعى إلى تمريره لكي ينقذ نتنياهو من التحقيقات.
وقد أبلغ الرجل الأقوى في الليكود –بيتان- شركاء الائتلاف أن القانون هو أولوية قصوى بالنسبة لليكود، وإن لم يحصل بيتان على الدعم الذي يريده فلن يمرر أي مشروع تسعى إليه أحزاب الائتلاف. وربما تتجه إسرائيل إلى انتخابات قريبة.
نار التحقيقات قد تلحق به
رغم أن بيتان يكرس وقته وطاقاته من أجل الدفاع عن نتنياهو في كل حلبة، فهو قد يحتاج قريبا إلى هذه الطاقات للدافع عن نفسه. فوفق تقارير صحيفة عديدة، يوجد لدى الشرطة الإسرائيلية ملف تحقيقات ضد بيتان، يعود إلى الفترة التي شغل فيها منصب نائب بلدية ريشون لتسيون، وكان في نفس الوقت مديرا لنادي كرة قدم التابع للبلدية لمدة 7 سنوات. ويشتبه بأن بيتان استغل منصبه لتعيين أقارب في البلدية. واقام علاقات غير شرعية من جهات من السوق السوداء.
وفي تحقيق صحفي مطول نشرته صحيفة “دي ماركر” الاقتصادية التابعة لصحيفة “هآرتس”، جاء أن البلدية لم تفهم حتى اليوم أين اختفت أموال فريق كرة القدم الذي راسه بيتان؟ وكيف تدهورت حالته الاقتصادية إلى هذه الدرجة؟ فقد اختفى الرجل فجأة كأن الأرض بلعته. وحسب الصحيفة، حصل هذا جرّاء تورط بيتان مع السوق السوداء وتراكم ديون له في هذه السوق. وجاء أن بيتان اضطر إلى اللجوء لدى أصدقاء، وقام بجمع نحو 2.25 مليون شيكل ليخلص من ورطته. وكان رد بيتان على هذه التقارير بالقول إنها كاذبة وتهدف إلى النيل منه، وإنه لا يخشى أحدا.
لم يقرأ ألبير كامو
بالنسبة للمعارضة الإسرائيلية، يمثل بتيان كل ما هو سيء في حزب الليكود الحالي. فهؤلاء يقولون إن الشخصيات التي سيطرت على حزب ليكود أمثال بيتان حولته إلى حزب يجيد التهكم بدل الاعتدال، وينجرف نحو أقصى اليمين السياسي، حيث اخترق الحدود ولا يعرف الحياء.
ففي خطاب له مرة أمام نواب المعارضة، تفاخر بيتان أنه لم يقرأ كتابا منذ 10 سنوات الأخيرة. وروى اقتباسا غير دقيق للفيلسوف الفرنسي ألبير كامو. واعترف أن مساعده هو من أتاه بالاقتباس. وأضاف أن الثقافة التي يمد نفسه بها لا تأتي من الكتب. وكان رد المعارضة أن بيتان يعكس المستوى المخفض الذي وصل إليه الليكود.
وعدا عن أنه “ينطح” كل من يقف في طريقه، فهو لا يتردد في مهاجمة كل من ينتقد نتنياهو والحزب. وقد وصل مرة إلى الحضيض حينما هاجم عائلات الإسرائيليين المحتجزين في غزة، بعد أن واجهوا هؤلاء نتنياهو ولاموه على قصوره، فصرخ بيتان في وجههم قائلا: “إنكم ناكرون للجميل. رئيس الحكومة يبذل كل ما بوسعه ليعيد أولادكم”. وأثارت ردة فعل بيتان ضجة في الصحافة الإسرائيلية وحتى في حزب ليكود، لأن بتيان “يستقوي على الضعفاء”.
بيتان هو الشخصية السائدة وراء مشاريع قانون عديدة مثيرة للجدل في حزب ليكود، مثل مشروع قانون حظر التمويل الأجنبي للجمعيات، يقال إنه يهدف إلى التضييق على جمعيات حقوق الإنسان اليسارية في إسرائيل. ومشروع قانون الإطاحة بنواب في الكنيست خلال ولايتهم، وكان بيتان وراء العريضة الداعمة للجندي إيلؤر أزرايا الذي أدين بقتل فلسطيني جريح أقدم على طعن جنود إسرائيليين.
لكن أقوى معارضيه يقولون أيضا عنه إنه يملك “شخصية جذابة والعمل معه سلس ومريح”، حتى أولئك الذين يتقاتلون معه يوميا في الكنيست. “إنه رجل عادل. يساعد المعارضة على تمرير مشاريع قانون يؤمن بها” قالت عنه النائبة المعارضة من حزب العمل، تمار زندبرغ.
ورغم صورته الأبوية في الكنيست، يبدو أن بيتان أبا ليبراليا، فقد ظهرت ابنته في صورة بملابس البحر على فيسبوك وكان من الصعب تصديق أن الفتاة التي ظهرت بلباس غير متواضع في الصورة هي نجلة بيتان.