يتساءل الكثيرون كيف أن إسرائيل تحديدًا، التي تسود فيها، للوهلة الأولى، المساواة في الحقوق بين النساء والرجال، منتشرة فيها ظاهرة تعدد الزوجات في المجتمع البدوي أكثر منها في دول عربية مثل الأردن، الذي يعيش فيه عدد كبير من البدو.
تشير المعطيات التي كُشف عنها في هذه الأيام إلى أن 18% من العائلات البدويات في النقب ينتشر فيها تعدد الزوجات، أي أن الزوج لديه أكثر من زوجة. كما هو معروف، يسمح الإسلام للرجال بأن يتزوجوا أربع نساء، ولكن ينظر معظم المجتمعات الإسلامية إلى تعدد الزوجات كحق يمكن ممارسته في حالات استثنائية فقط. تصل نسبة تعدد الزوجات في المجتمَع العربي في إسرائيل، بما في ذلك في المجتمَع البدوي في شمال إسرائيل، إلى الصفر. يعود انتشار هذه الظاهرة في المجتمَع البدوي في الجنوب إلى العقلية القبلية أكثر من الأسباب الدينية. ثمة سبب آخر وهو ضعف المجتمع البدوي، بشكل تناقضي، لا سيما وضع الرجال البدو – إذ إن مصدر الاحترام الأخير لديهم، الذين يتمسكون به هو الحفاظ على سلطتهم الأبوية.
ولكن هناك سبب آخر يوضح الظاهرة وأصبح يثير الآن جدلا عارما في إسرائيل وهو: إضافة إلى حقيقة أن تعدد الزوجات يحدث في حالات كثيرة لأسباب اقتصادية، واستغلال النساء، فهناك استغلال لمصادر الدولة أيضا.
تلد النساء البدويات ما معدله 5.5 أطفال. عدد الأطفال في العائلات متعددة الزوجات أكبر بكثير – لدى 56% من العائلات 10 حتى 19 طفلا، أي نحو 10 أطفال بالمعدل لدى كل امرأة، وهناك عائلات مؤلفة من 20 حتى 25 طفلا. هذه العائلات هي الأكثر فقرا وضعفا، وجهلا. معطيات النساء البدويات أصعب بكثير، لأن الزواج من امرأة أخرى يعني التخلي عن المرأة الأولى وأطفالها، لدرجة أنهم يعانون أحيانا من الفقر المدقع. كما أن هؤلاء النساء يتعرضن للعنف الجسدي، ويعانين من مشاكل نفسية خطيرة. بما أن الحديث يجري عن نساء مستضعفات، غير مثقفات، ليس بحوزتهن رخصة قيادة للخروج من القرية، فيعتمدن على الرجال، ومخصصات التأمين الوطني.
كما أن وضع الزوجات الثانيات صعب أيضا. فالكثير منهن فلسطينيات، غير حاصلات على المواطنة الإسرائيلية، وليس لديهن حقوق أو القدرة على معارضة الزوج. وإضافة إلى ذلك، يتم التعامل مع جزء منهن كخادمات.
لماذا تحدث هذه الظاهرة؟ هناك أسباب ثقافية وأخرى طبعا، ولكن في الواقع يجري الحديث عن مصلحة اقتصادية بكل معنى الكلمة: يتزوج الرجال من امرأة ثانية، ثالثة، ورابعة أحيانا. وهم لا يطلقون النساء الأوائل، لهذا لا تُسجل النساء كمطلقات أو أمهات أحاديات المعيل. في هذه الحال، يتلقين مخصصات ومساعدات من الدولة.
وجد تقرير لوزارة العدل الإسرائيلية، الذي حاول مواجهة الظاهرة، أن هناك طرقا لمواجهتها، ومنها فرض عقوبات على الرجال الذين يتزوجون أكثر من امرأة ويخدمون في الدولة، ولكن تشير إحدى التوصيات غضبا عارما: جاء في إحدى التوصيات أنه في حالات استثنائية، أو “إنسانية” تكون المحكمة الشرعية قادرة على الموافقة على الزواج من امرأة أخرى. يوضح الكثيرون أن الحديث يجري عن ضرر مزدوج: ضرر يلحق بالنساء البدويات، وكذلك بقيم المساواة في الحقوق من أجل النساء.