رغم أن إسرائيل علمت بنية ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، إلا أن انفعال حكومة نتنياهو من المؤتمر الصحفي للرئيس الأمريكي بدا كبيرا: رحّب رئيس الحكومة الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بقرار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الانسحاب من الاتفاق النووي الذي أبرمه سابقه مع إيران عام 2015 بمشاركة دول أوروبية مركزية، ووصف نتنياهو قرار ترامب بأنه قرار صائب وذكي وشجاع.
وأضاف نتنياهو الذي غادر اليوم البلاد إلى روسيا للقاء الرئيس الروسي، فلادمير بوتين، أن الاتفاق النووي لو بقي على ما هو لكان أتاح لإيران إثراء كمية كافية من اليورانيوم من أجل إنتاج ترسانة قنابل نووية. “يجب على الشعب الإسرائيلي أن يقدر القرار الحازم للرئيس ترامب صدّ هذا الاتفاق السيء وصدّ عدوانية إيران في المنطقة” تابع نتنياهو، وأردف “الاتفاق لم يحول إيران إلى دولة معتدلة، إنما زادها عدوانية”.
واللافت في إعلان ترامب أنه اعتمد في قراره على الأدلة التي كشفها رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، قبل أسبوع في مؤتمر صحفي خاص، قائلا إن إسرائيل أثبتت أن إيران تكذب بخصوص نواياها وتخبئ مشروعها النووي الحقيقي وراء الاتفاق. وأضاف الرئيس الأمريكي أنه قرر كذلك فرض أقصى العقوبات على الاقتصاد الإيراني من أجل كبح طموحات النظام الإيراني وتغيير مساره.
وتساءل محللون إسرائيليون إن كان الانسحاب من الاتفاق النووي سيقرب الحرب مع إيران أم سيبعدها؟ وأشار بعضهم إلى أن الفرضية الأمريكية – الإسرائيلية بالانسحاب من الاتفاق هي الضغط على إيران اقتصاديا بإعادة العقوبات الاقتصادية الشديدة وإجبار القيادة الإيرانية العودة إلى طاولة المفاوضات مجددا والتوصل إلى اتفاق أفضل معها، يشمل النقاط المقلقة من ناحية إسرائيل ودول الخليج وهي: انتهاء صلاحية الاتفاق الحالي، ومنع تطوير أجهزة الطرد المركزي، وإتاحة مراقبة المنشآت العسكرية، ووقف برنامج تطوير الصواريخ ذات المدى البعيد، ووقف الدعم لحزب الله وحماس ونشر الإرهاب العالمي.
وفي حين أجمع المحللون الإسرائيليون على أن الاتفاق النووي كان اتفاقا سيئا، انقسموا في السؤال “إن كان انسحاب ترامب من الاتفاق سيبعد الحرب مع إيران أم سيقربها؟”، فكتب المحلل العسكري لصحيفة “يديعوت أحرونوت”، أليكس فيشمان، “انسحاب أمريكا من الاتفاق النووي لا يحسن الوضع الاستراتيجي لإسرائيل. الجيش الإسرائيلي يشد عضلاته إلى أقصى درجة. بدءا من غزة، ومرورا بجبهة جديدة ضد إيران في سوريا، وانتهاء بجبهة قديمة هي منشآت النووي الإيراني”. وأشار فيشمان إلى أن الولايات المتحدة لن تقوم بمهمة ضرب المنشآت النووية بدل إسرائيل.
أما رئيس معهد دراسات الأمن القومي، عموس يدلين، رئيس الاستخبارات العسكرية في السابق، فكتب على نفس الصحيفة أن الاتفاق حقق أهداف استراتيجية هامة على المدى القصير وهي إبعاد إيران من نقطة انطلاق نووية، ومنع نشوب حرب في المنطقة، لكنه أغدق إيران بالأموال التي كانت خاضعة لعقوبات شديدة، وهذا لم يغيّر سلوك النظام في إيران كما تمنى داعمو الاتفاق.
وحذّر يديلن أن واحد من السيناريوهات بعد الانسحاب من الاتفاق هو عودة إيران إلى سياسية إثراء اليورانيوم مثل عام 2013، وعدم التزام إيران بالاتفاق مع أوروبا، “هذا سيعيد الإيرانيون إلى المسار السريع للحصول على قنبلة نووية في سنوات قليلة”. وهذا التطور، حسب يدلين، لا يزيل بالنسبة لإسرائيل وأمريكا الخيار العسكري من الطاولة.
وإلى جانب الترحيب الإسرائيلي، رحّبت السعودية بالقرار الأمريكي، معلنة أنها تدعم فرض العقوبات الاقتصادية على إيران بعد رفعها في إطار الاتفاق. واختارت صحيفة “ARAB NEWS” السعودية أن تعلن على صفحتها الأولى، في عدده الذي صدر اليوم، “مات الاتفاق”. وكتبت الصحيفة أن النظام الإيراني استغل الاتفاق لمواصلة النشاطات المخلة باستقرار المنطقة، لا سيما الاستمرار في خطة الصواريخ البالستية ودعم المنظمات الإرهابية في المنطقة.
وكتب رئيس تحرير الصحيفة في مقال الرأي المركزي، الإعلامي فيصل جلال عباس، أن قرار ترامب يستحق التصفيق وليس الانتقاد، مشيرا إلى أن ترامب وضع أمن أمريكا وحلفائها على رأس أولويات سياسته الخارجية، خلافا لسابقه الرئيس باراك أوباما. وأشار الإعلامي السعودي إلى السعودية دعمت الاتفاق في البداية على أمل أن توقف إيران نشاطاتها الإرهابية في المنطقة، مؤدية منع إيران من الحصول على قنبلة نووية، لكن إيران بدل استغلال الأموال التي تدفقت إليها بعد رفع العقوبات للاستثمار في اقتصادها وشعبها، واصلت تمويل النشاطات الإرهابية في المنطقة. وأضاف أن التهديد الإيراني على المملكة تفاقهم فقد أصبحت العاصمة السعودية مهددة بصواريخ الحوثيين في اليمن المدعومين من قبل إيران ضمن الاتفاق النووي.