لم نشهد منذ وقت طويل حملة إعلامية لدى حماس شبيهة بهذه التي بدأتها الحركة منذ ساعات الصباح، في أعقاب مقتل أحمد جرار، المسؤول عن الخلية التي قتلت الحاخام رازيئل شيفاح، والد لستة أطفال. يمكن أن نشاهد صورة جرار الذي ترقّى لمكانة “ملك” لدى حماس – والده يعد من مؤسسي الجناح العسكري في حماس- في كل مكان في وسائل الإعلام الحمساوية، وفي شبكات التواصل الاجتماعي أيضًا. تعمل حماس جاهدة لـ “الإشارة” إلى العملية بصفتها العملية الأولى في سلسلة العمليات في الضفة الغربية. كما هي الحال، مع عهد التميمي، فقد كانت بشرة أحمد جرار فاتحة وعيناه زرقاوين، وهما يشكلان الوجهان “الجميلان” للمقاومة.
ولكن حالة عبد الكريم عاصي، الذي قتل أمس حاخام إيتمار بن غال، أب لأربعة أطفال من جبل بركة تختلف تماما. رغم أن نتائج العمليتان كانت شبيهة جدا، فقد تعامل الفلسطينيون مع هاتين العمليتين بشكل مختلف تماما. يمثل عاصي الفتى الذي نفذ عملية دوافعها “مشاكل شخصية”. فهو فتى “غريب” ترعرع بين المجتمَع الإسرائيلي والفلسطيني، كانت تعاني عائلته من مشاكل، ولم يشعر يوما بالانتماء. تعاطى المخدّرات وكان معروفا لدى خدمات الرفاه في إسرائيل.
للوهلة الأولى، كان يحظى بأفضلية مقارنة بالشبان الفلسطينيين الآخرين أبناء جيله، فقد كان يحمل بطاقة هوية زرقاء، يمتع بحقوق اجتماعية في إسرائيل، وبحرية التنقل. في الواقع، يشكل عاصي إثباتا على أن الفلسطينيين يولون اهتماما كبيرا للانتماء العائلي. ما زالوا يعتقدون أنه الأهم. وإذا ظن عاصي أن العملية التي نفذها هي طريقه للوصول إلى المجتمَع الفلسطيني، فتجدر الإشارة إلى أن أعماله لا تحظى بأية تغطية وأهمية إعلامية. فقد ظل “غريبا”.
بالمناسبة، قوات الأمن الإسرائيلية تحتجز جثمان أحمد جرار وهي لا تنوي تسليمه إلى الفلسطينيين. “إذا كان بطلا حمساويا، فلا شك أن حماس مستعدة لتسليم جثامين الإسرائيليين التي تحتجزها مقابل جثمانه”، وفق أقوال جهات إسرائيليّة.