كيف يمكن لممثّل عربي أن يجسّد دور ولد ناجٍ من المحرقة؟ الممثّل الشابّ إلياس مطر من قرية عبلين يروي أنه قاربَ الدور بطريقة طبيعية جدًّا. في مقابلة مع صحيفة “يديعوت أحرونوت”، روى مطر أنّ شخصيته الإنسانية هي ما أتاح له التماثل مع شخصية أفراملّه، طفل ناجٍ من المحرقة يصل إلى إسرائيل عام 1948، يجسّد دورَه في مسرحية جديدة.
كتب مسرحية “أفراملّه، الولد الذي من هناك” عميت جور، وأخرجتها حافا كوهين. وستكون باكورة عروض المسرحية في متحف “لوحمي هجيتؤوت” (مقاتلي الجيتوات)، وهي تشكّل جزءًا من معرض يعرض سيَر حياة الأطفال اليهود الذين نجوا من فظائع الحرب العالمية الثانية واستقرّوا في إسرائيل.
موضوع المسرحية هو لقاءٌ بين طفل يتيم ناجٍ من المحرقة وطفل مولود في إسرائيل. تُعرض في المسرحية صعوبات اندماج الطفل، والمخاوف والأمور المرعبة الناجمة عن ذكرياته العائدة للحرب، وبالمقابل عجز المجتمع الذي يعيش فيه عن تقبّله.
تتأسس القصة على قصَص عشرات آلاف الناجين من المحرقة، الذين جرى النظر إليهم باستخفاف من البيئة المحيطة بعد أن نجَوا من المحرقة وبلغوا إسرائيل.
مطر، 23 عامًا، هو ممثّل مسرحي حائز على لقب جامعي في المسرح الاجتماعي – العلاجي، وهو ينتمي لفريق متحف “لوحمي هجيتؤوت” منذ كان في السادسة عشرة. ورغم سنه الصغيرة، فقد تمكن مطر من المشاركة في مهرجان عكّا ومهرجان مسرح الأطفال في حيفا، والتطوّع في جمعيّة تعيد أهليّة شبّان في خطر.
ماذا يقود ممثّلًا عربيًّا إلى تجسيد شخصية ترمز بشكل واضح جدًّا إلى اليهود؟ “واقع كوني ممثّلًا يُتيح لي أن أرى أكثر السحر الذي في المسرح”، أخبر مطر “يديعوت أحرونوت”.
ويقول مطر إنه نشأ على تفهّم الجميع، بغض النظر عن عرقهم أو دينهم، ولذلك يقول إنه سيمثّل “أية قصة تجعل الناس يعيشون بشكل مختلف ويتقبلون الآخر – حتى إن كان بعيدًا عنّي مسافات هائلة”. كلّ أذًى يلحق باليهود أو العرب يسبّب له الكثير من الألم، حسب تعبيره.
ورغم أنه يتحدث أنه قارب الدور بطريقة طبيعية، فإنّ مشاركة مطر في المسرحيّة ليست بسيطة. “تجري أحداث المسرحية عام 1948. في السنة نفسها، فرّ أفراد أسرتي إلى لبنان، ولم أتمكن من رؤيتهم حتى اليوم، حتّى جدّتي التي تبلغ من العمر 98 عامًا”، روى مطر.
لكنّ المأساة العائليّة لا تمنع مطرًا من التماثل مع الشخصيات التي يقوم بتجسيدها، بل النقيض: “حين أسمع صفارة الإنذار في المسرحية، أرى حالًا جدّتي. أقول: يصعب حتمًا النشوء دون عائلة، دون أمّ وأب – أفكّر حالًا في أمّي”.