أثارت استنتاجات “لجنة لوكر” التي دعت إلى إصلاح شامل في موازنة الأمن الإسرائيلي مشاعر جريئة في أوساط الكثيرين من الشعب الإسرائيلي. ويظهر من دعوات التقرير وردود الفعل عليه أنّ الجيش الإسرائيلي، الذي تمتّع في الماضي بمكانة من القداسة وتصرّف دون أية رقابة حقيقية، قد فقد هيبته، ولم يعدْ يُعتبر في أوساط الإسرائيليين كهيئة لا ينبغي الرقابة عليها.
وكشف التقرير سلسلة من أوجه القصور في سلوك الجيش الإسرائيلي، لا سيّما في الرواتب الكبيرة جدا، الإدارة غير المسؤولة للميزانية، عدم الشفافية وانعدام الكفاءة مما يضرّ بالاقتصاد الإسرائيلي برمّته.
بفضل المكانة المقدّسة التي حظي الجيش الإسرائيلي بها كان هناك سلوك اقتصادي مبذّر ومسرف، والذي تمثّل خاصة بالرواتب والمعاشات التقاعدية غير المتكافئة لجنود الجيش الدائمين. يحقّ للضابط في الجيش الإسرائيلي التقاعد والحصول على معاش تقاعدي كبير من سنّ 46، في حين أن سن التقاعد في بقية مجالات العمل في إسرائيل هو 67.
وتظهر الحماسة التي استُقبل بها التقرير من قبل الإعلام الإسرائيلي بأنّ الإسرائيليين غير مستعدّين بأن يستغلّ الجيش مكانته العالية كمدافع عن الدولة، من أجل التصرّف بشكل مبذّر ومسرف.
ويقترح التقرير زيادة الشفافية في موازنة الجيش، مما سيسمح لوزارة المالية بالرقابة عليها بكفاءة أكبر، وتقليل الجيش الدائم بنحو 11%، وتخفيض ميزانية الرواتب بنحو 14% وتقصير الخدمة الإلزامية للجنود الشباب.
كما كان متوقّعا، لم يمتنع يعلون عن التذكير أنّ الجيش بحاجة إلى موازنته من أجل مواجهة داعش وحماس وحزب الله وإيران
ودعت الصحيفة الاقتصادية الإسرائيلي “ذا ماركر” اليوم في عناوينها رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إلى استغلال الفرصة “لثورة لمرة واحدة في العمر في موازنة الأمن”. لم يوفّر محرّرو الصحيفة انتقاداتهم عن الجيش الإسرائيلي، وكتبوا أنّ التقرير “شجاع” بل وصرّحوا أنّ “الجيش الإسرائيلي المجيد قد انكشف عاريا”.
أعرب بعض الوزراء الإسرائيليين في الحكومة ومن بينهم وزير المالية موشيه كحلون والوزيرين نفتالي بينيت وزئيف ألكين عن دعمهم للتقرير.
ولكن وزير الدفاع الإسرائيلي، موشيه يعلون، قد عارض التقرير بشدّة، وعبّر عن انتقادات لاذعة له. قال يعلون: “إنّ توصيات التقرير هجومية، ليست صحيحة ولا أخلاقية”. وأضاف يعلون أنّ التقرير سطحي، وأنّ تنفيذه هو “مراهنة على أمن مواطني إسرائيل”.
وكما كان متوقّعا، لم يمتنع يعلون عن التذكير أنّ الجيش بحاجة إلى موازنته من أجل مواجهة داعش وحماس وحزب الله وإيران، مشيرا إلى أنّ الجيش هو المدافع عن أمن وسلامة مواطني إسرائيل. ولكن كما يبدو، فإنّ التذكير بهذه التهديدات لم يعد ينفع في منع تخفيض الموازنة.