بينما انشغل المحللون في إسرائيل بتحديد طابع العملية السياسية التي جرت في مصر منذ بداية الشهر الجاري وحتى اليوم، وأطاحت بحكم الرئيس الإسلامي محمد مرسي، وهل نحن في صدد انقلاب عسكري أم ثورة شعبية ثانية أم تصحيح لمسار ثورة 2011، خصّص كتّاب إسرائيليون كثيرون مقالاتهم لإبداء الإعجاب والانفعال من مشاهد ميدان التحرير.
وكتب عوفيد يحزكيل، والذي شغل منصب سكرتير الحكومة الإسرائيلية في السابق، في صحيفة “هآرتس”، “يجدر بنا أن نمعن النظر فيما يحدث لدى جيراننا. الشاب المصري لم يعد يقبل قواعد اللعبة القديمة وهو يتحدى النظام القديم في بلاده. إنه لا يمنح الشرعية لنظام يضع نفسه فوق المواطن”.
وقارن عوفيد بين المظاهرات المصرية وتلك التي خرجت في إسرائيل قبل صيفين، ملاحظا “الجمهور المصري يختلف عنا: إنه يجتمع ويخرج للتظاهر من دون توقف، ليس في “فيس بوك” فقط، وينزلق أحيانا إلى أعمال عنف واستفزازات. إنه جمهور عنيد، ماض نحو الهدف، يعرف ما يريد ولا ينظر إلى الخلف حتى يناله”.
وأضاف الكاتب “في الوقت الذي كان فيه الجمهور المصري غير هادئ حتى تم استبدال الحكم… توقف الجمهور الإسرائيلي عن المظاهرات عندما تمت إقامة لجنة “طرخطنبرغ”. ولكن مع توقف الضغط الجماهيري وعودة جادة “روتشيلد” (في تل أبيب) إلى الروتين، تلاشت استنتاجات اللجنة”.
ودوّن المستشار الاستراتيجي في السابق ليتسحاق رابين، حايم آسا، في صحيفة معاريف “من حسن الحظ وجود جارة تدعى مصر. يمكننا التعلم منها”. وأوضح “أخيرا تبعث بي السياسة نوعا من الفرحة عوضا عن الشعور بالخيبة من السياسة الإسرائيلية المملّة. مشاهدة الجيش يبعد باسم الديموقراطية والشرعية حاكما كان قد حاول سلب مصر، من دون أن يفهم أهمية الثورة التي حصل بفضلها على الرئاسة”.
وأشاد الكاتب بالشعب المصري كاتبا “يفهم هذا الجمهور المصري الرائع، الأمر الذي لم يفهمه مرسي. لقد انتهى عهد السياسة القديمة”.
وقارن آسا بين حكم الإخوان المسلمين في مصر والسياسيين الجدد الذين وصلوا إلى سدّة الحكم في إسرائيل، مثل السياسي جديد العهد، يائير لبيد، والذي يشغل اليوم منصب وزير المالية، ويكتب آسا “ارتكب مرسي الخطأ المقبول لدى السياسيين المنعزلين عن الشعب، كما يحدث في إسرائيل- فقد تمحور حول السيطرة على مراكز القوة السياسية والجماهيرية بدلا من أن يعالج عدم رضاء الجمهور”.
وتابع كاتبا “ربما يمكن أن تشكل مدرسة الثورات التي نشهدها في مصر مرآة للاحتجاج الضحل الذي كان في إسرائيل قبل عامين”، وأضاف أن الإسرائيليين خلافا للمصرين لم يبقوا في الميدان، رغم أن السياسة القديمة ما زالت سائدة في إسرائيل.
وكتبت الدكتورة ليئات كوزما، وهي محاضرة في الجامعة العبرية لدراسات الإسلام والشرق الأوسط، أن المجتمع المدنيّ في مصر اكتشف قوّته، ويبرهن أنه بدأ ينضج، فهو لم يسمح للإسلام السياسي بالاستيلاء على مفاصل الدولة ولن يسمح للجيش بذلك. وكتبت ليئات “جاء في كتاب جمال عبد الناصر “فلسفة الثورة” أن الضباط لم يسلموا المجتمع المدني السلطة لأن هذا المجتمع كان منقسمًا ومتنازعًا، وغير قادر على القيادة. وبالفعل، أكثر من ستين عامًا من الحكم العسكري وقمع الحريات المدنية عرقلت نمو قوى سياسية مدنية”.
وتابعت الكاتبة “لقد لقنت الثورة في العام 2011 المجتمع المدني درسًا حول قوته، وها هي أحداث الأيام الأخيرة تثبت ذلك. أشعر أن ذلك المجتمع المدني لن يسمح للجيش بمواصلة استلام زمام السلطة لوقت طويل. ستُبدي لنا الأيام ما إذا كانت مصر ستصل إلى الانتخابات القادمة جاهزة أكثر، وستنجح في بلورة سلطة مدنية حقيقية، كتلك التي خرج باسمها المصريون إلى الشوارع في السنتين الأخيرتين”.