تحيي دول العالم اليوم ذكرى يوم الإيدز العالمي (12/1) من كل عام هو يوم رفع الوعي حول هذا المرض، انتشاره وكيفية العمل على منع انتشاره.
ما يقارب 35 مليون شخص يعيشون اليوم في العالم وهم يحملون فيروس الـ HIV ورغم اكتشاف الفيروس للمرة الأولى فقط في الثمانينيات من القرن الماضي، فقد استطاع القضاء على نحو 35 مليون شخص نتيجة المضاعفات الصحية التي يتسبب بها هذا المرض الخطير.
في السنوات الأخيرة ومع تطور الأدوية الجديدة لمكافحة هذا الفيروس الفتاك، نجح العالم بتخفيف حالات الوفاة والإصابة بالمرض بشكل ملحوظ. إذ توفر العلاجات المبتكرة حلولا للكثير من المرضى وتمنع انتشار المرض.
ولكن ما هو الوضع في دول العالم العربي وشمال إفريقيا؟
في الأردن ولبنان: البطالة الكبيرة تدفع النساء، الفتيات والعديد من الشبان إلى بيع أجسادهم من أجل البقاء على قيد الحياة مما يتطوّر انتشار الفيروس
وفقا لدراسات تابعة لمنظمات الصحة التابعة للأمم المتحدة، فقد شهد العالم العربي في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إصابات لنحو 25000-26000 وكذلك وفاة 16000 آخرين نتيجة لهذا الفيروس بدءًا من العام 2013. وفقا لتقديرات غير محدّثة منذ العام 2013، فما يقارب 230000 شخص يعيشون وهم يحملون هذا الفيروس.
وكشفت دراسة أجراها الباحث الأمريكي، كريستوفر ريف، أنّه مع اندلاع الاضطرابات في العالم العربي، بما يُسمى “الربيع العربيّ”، طرأ تدهور شديد لدى بعض المصابين بالمرض. والخوف الكبير هو من تزايد المرض وانتشاره على نطاق أوسع.
إن أسباب تزايد وتيرة الإصابة بالفيروس عديدة ومتنوعة:
ففي مصر يواجه حاملو فيروس HIV مشاكل عديدة تعود إلى السياسات القمعية التي يمارسها ضدهم النظام. وبعد خلع الرئيس الأسبق، حسني مبارك، عام 2011، بدأت التيارات الإسلامية في البلاد بالحصول على قوة سياسية متزايدة. وقد أحب الإخوان المسلمون الذين سعوا إلى إقامة دولة الشريعة بالتأكيد الاهتمام الزائد بالموضوع وقد شكّلت الرعاية الطبية لحاملي المرض ذريعة لاعتقال وتعقّب من اشتبه بممارسته علاقات محرّمة، أي علاقات جنسية مثلية.
في الدولة العربية الأكبر، بلاد النيل، لا يزال التعامل مع المرض باعتباره وصمة عار
لم يتوجه العديد من الشباب إلى العيادات من أجل فحص إذا ما كانوا قد أصيبوا بالمرض أساسا وتم كنس الأمر تحت البساط الاجتماعي. ومع صعود السيسي إلى الحكم في صيف 2013، لم يتغيّر التعامل مع المرض. لقد أراد نظام السيسي أن يثبت للشعب المصري أنّه لا يغيّر جوهريا تعامله مع المسائل الاجتماعية حول الموضوعات الجنسية ولا يقبل بسهولة الظواهر مثل المثلية الجنسية في المجتمع. وعلى العكس، ففي جزء كبير من الحالات اعتقلت السلطات العديد من مثليي الجنس وسجنتهم.
في الدولة العربية الأكبر، بلاد النيل، لا يزال التعامل مع المرض باعتباره وصمة عار. فلم يؤدّ البرنامج الوطني المصري لعلاج الإيدز، والذي يفترض أن يحصل المرضى من خلاله على الأدوية والإشراف الطبي دوره. ومحطات توزيع الأدوية فارغة في أغلب الوقت. إن عدم الانتظام في الحصول على العلاج الدوائي قد يزيد من تفشّي الفيروس ويجعله أكثر مقاومة.
ما يحدث في مصر هو غيض من فيض. إذ يعاني لبنان والأردن من مشاكل الهجرة الجماعية للاجئين السوريين الهاربين من جحيم الحرب. فاضطر لبنان والأردن، اللذان نجحا حتى الآن في تجنيد الأموال لتوفير العلاج للمرضى وللقضاء على انتشاره، إلى تجنيد الأموال من أجل منع انهيارهما الاقتصادي في أعقاب مئات الآلاف من اللاجئين من سوريا.
في هذين البلدين يشكّل اللاجئون خطورة على أنفسهم وعلى السكان المحليين: البطالة الكبيرة تدفع النساء، الفتيات والعديد من الشبان إلى بيع أجسادهم من أجل البقاء على قيد الحياة. كما وتطوّرت ظاهرة اجتماعية مقلقة من زواج القاصرات. وازدهرت صناعة الدعارة رغما عن أنف السلطات.
في المملكة العربية السعودية الأمر هو عبارة عن أمر محظور. بحسب البيانات الرسمية، هناك الآلاف من مرضى الإيدز في المملكة، ولكن في الواقع فالرقم أكبر بكثير، بل ويقترب من 100,000، حيث يخشى الكثيرون إجراء فحوص طبية من هذا النوع خوفا من ردّ فعل المجتمع على النتيجة الإيجابية. قال مصدر في وزارة الصحة السعودية لموقع “عرب نيوز” إنّ عدد المصابين بالإيدز يرتفع كل عام، وخصوصا في أوساط النساء اللواتي تنتقل إليهنّ العدوى من أزواجهنّ.
لقد حافظت السعودية خلال سنوات على معدلات الإيدز المتزايدة في المملكة بسرية. وفي المساجد، تحدث الأئمة عن الإيدز باعتباره “غضب الله” الواقع على الأشخاص “المنحرفين جنسيا”. يعاني مرضى الإيدز أنفسهم منذ سنوات طويلة من عقبات اجتماعية عديدة، مثل قلة أماكن العمل والدعم غير الكافي من قبل المنظمات الخيرية. في دولة محافظة كالسعودية، يحظر فيها على النساء قيادة السيارات ويعتبر الحديث عن الجنس أمرا محظورا، فلا عجب ألا يكتشف الكثيرون أنّهم مصابون بالإيدز أو ألا يجرون فحصا.