تتجه تونس الى دورة ثانية في انتخاباتها الرئاسية التاريخية التي جرت الاحد والتي سيتنافس فيها الرئيس المنتهية ولايته المنصف المرزوقي ورئيس حزب “نداء تونس” الباجي قائد السبسي الذي اعلن معسكره انه يتقدم على منافسه الرئيسي في شكل كبير.
وقال محسن مرزوق مدير حملة السبسي للصحافيين مساء الاحد ان “الباجي قائد السبسي هو بحسب التقديرات الاولية متصدر السباق بفارق كبير” عن اقرب منافسيه الذي لم يسمه، مؤكدا ان السبسي “ليس بعيدا كثيرا عن ال50%” المطلوبة لحسم المعركة من الدورة الاولى، ولكن “من المرجح اجراء دورة ثانية”.
من جهتها، اعلنت حملة المرزوقي ان الفارق بين مرشحها وزعيم حزب “نداء تونس” ضئيل جدا وسيتافسان بالتالي في دورة ثانية.
وقال مدير الحملة عدنان منصر للصحافيين “في اسوأ الاحوال ستكون النتيجة تعادلا (بين المرزوقي والسبسي) وفي افضلها سنتقدم بنسبة تراوح بين 2 و4% من الاصوات”، مضيفا “سنذهب الى دورة ثانية بفرص كبيرة”.
ومساء الاحد، دعا المرزوقي “كل القوى الديموقراطية” الى التوحد حوله في الدورة الثانية بهدف التغلب على منافسه.
واعلن المرشح اليساري حمة همامي الذي قالت استطلاعات الرأي انه حل في المركز الثالث ان حزبه “الجبهة الشعبية” سيجتمع “في اسرع وقت” لبحث تحديد تعليمات انتخابية جديدة للدورة الثانية.
وامام هيئة الانتخابات حتى 26 تشرين الثاني/نوفمبر لاعلان النتائج واجراء دورة ثانية محتملة في نهاية كانون الاول/ديسمبر في حال لم يحصل اي من المرشحين المتنافسين على الغالبية المطلقة.
واعلنت الهيئة ان نسبة المشاركة بلغت 64,6 في المئة. واكد رئيسها شفيق صرصار انها نسبة “مشرفة”.
ولم يخف منصر خشيته من عمليات “تزوير” داعيا مراقبي الانتخابات الى اليقظة وقال “على مراقبينا الا يغادروا صناديق الاقتراع الا بعد نهاية عملية الفرز لاننا نتوقع (…) بداية عملية تزوير فعلية”.
وهذه أول انتخابات رئاسية حرة وتعددية في تاريخ تونس التي حكمها منذ استقلالها عن فرنسا سنة 1956 وطوال أكثر من نصف قرن، رئيسان فقط هما الحبيب بورقيبة (1987-1956) وبن علي (2011-1987).
وقال مهدي جمعة رئيس الحكومة غير الحزبية التي تقود تونس منذ مطلع 2014 وحتى اجراء الانتخابات العامة “هذا يوم تاريخي، إنها أول انتخابات رئاسية في تونس بمعايير ديموقراطية متقدمة”.
وصرح للصحافيين إثر خروجه من مكتب اقتراع بالعاصمة تونس “الانتخابات الرئاسية هي مرحلة من مراحل استكمال المنظومة الديموقراطية المبنية على الاختيار الحر”.
ودعي الى الانتخابات الرئاسية نحو 5،3 ملايين ناخب بينهم 389 ألفا يقيمون بالخارج ويتوزعون على 43 دولة.
وجرت عمليات التصويت داخل تونس في 11 ألف مكتب اقتراع، وتواصلت من الساعة الثامنة (7,00 تغ) حتى الساعة 18,00 (17,00 تغ).
ويعتبر الباجي قائد السبسي (87 عاما) المرشح الأوفر حظا للفوز بالانتخابات الرئاسية.
والسبسي سياسي مخضرم شغل حقائب وزارية مهمة كالداخلية والخارجية في عهد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة. كما تولى رئاسة البرلمان بين 1990 و1991 في عهد بن علي.
وقال السبسي بعد وضع بطاقة التصويت في الصندوق بأحد مكاتب الاقتراع في العاصمة تونس “تحيا تونس” وهو شعار حملته الانتخابية.
ويأمل هذا السياسي في ان يسهل فوزه مهمة حزبه في تشكيل حكومة ائتلاف.وحصل نداء تونس على 86 مقعدا من إجمالي 217 من مقاعد البرلمان الجديد، لكن الحزب لا يملك الغالبية (109 مقاعد) التي تمكنه من الحكم بمفرده.
ولم يقدم حزب “حركة النهضة” الاسلامي الذي حكم تونس من نهاية 2011 الى بداية 2014 وحلّ ثانيا في الانتخابات التشريعية بحصوله على 69 مقعدا في البرلمان، مرشحا للانتخابات الرئاسية.
وأعلن الحزب انه لن يدعم اي مرشح وأنه يترك لأتباعه حرية انتخاب رئيس “يشكل ضمانة للديموقراطية”.
ويقول خصوم حركة النهضة إنها تدعم بشكل “غير معلن” المرشح المستقل محمد المنصف المرزوقي، وهو أمر تنفيه الحركة.
وستنهي الانتخابات الرئاسية مرحلة انتقالية استمرت نحو اربعة اعوام في تونس.
وكان “المجلس الوطني التأسيسي” المكلف صياغة الدستور الجديد لتونس، والمنبثق عن انتخابات 23 أكتوبر/تشرين الاول 2011، انتخب محمد المنصف المرزوقي رئيسا “مؤقتا” للبلاد.
وسيحكم الرئيس الجديد تونس لولاية من خمس سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة وفق الدستور التونسي الجديد الذي صادق عليه المجلس التأسيسي مطلع 2014.
ولا يمنح الدستور سوى صلاحيات محدودة لرئيس الدولة لكن الاقتراع العام يمنحه وزنا سياسيا كبيرا. كما يتمتع الرئيس بحق حل البرلمان اذا لم تحصل الحكومة التي تعرض عليه لمرتين متتاليتين على الثقة.
وفي 2013 اندلعت في تونس ازمة سياسية حادة إثر اغتيال اثنين من قادة المعارضة العلمانية وقتل عشرات من عناصر الامن والجيش في هجمات نسبتها السلطات الى اسلاميين متطرفين.
واضطرت الحكومة التي كانت تقودها حركة النهضة الى الاستقالة مطلع 2014 وترك مكانها لحكومة غير حزبية لاخراج البلاد من الازمة السياسية.
وتعتبر تونس استثناء في دول “الربيع العربي” التي سقط اغلبها في العنف والفوضى.