لا يزال مُعسكر اليسار الإسرائيلي يستعيد عافيته بعد الهزيمة التي مُني بها في الانتخابات؛ في شهر آذار من هذا العام، أمام بنيامين نتنياهو.
قبل أسبوع من الانتخابات، كان يبدو سيناريو بأنه سيهزم يتسحاك هرتسوغ بنيامين نتنياهو، وأن هرتسوغ سيأخذ مكانه في رئاسة الحكومة أمرا محتملا لدى الجميع، لكن نتنياهو سد الفجوة التي فتحها هرتسوغ أمامه وقام بتشكيل ائتلاف ترك خصيه، هرتسوغ ويائير لبيد وحزبيهما، خارج الحكومة.
تحاول، الآن، جهات في مُعسكر المُعارضة استمالة قلب الجمهور الإسرائيلي من جديد، إنما بطريقة مُختلفة. يُدرك السياسيون أن غالبية الإسرائيليين لا يتبعون لمُعسكر اليسار. وفق استطلاع نُشر في إسرائيل قبل الانتخابات، 8% من المُجتمع اليهودي فقط يُعرّفون أنفسهم كـ “يساريين”. 15% منهم يُعرّفون أنفسهم على أنهم “وسط، يميل لليسار”. بالمقابل، 35% من الإسرائيليين – اليهود يُعرّفون أنفسهم على أنهم يمينيون، و 24% آخرين يُعرّفون أنفسهم على أنهم “وسط، يميل لليمين”.
وأدركوا في المُعارضة هذه المعادلة، ويتصرفون وفق ذلك. يقود يائير لبيد ذلك التوجه، وهو الذي كان وزير المالية في حكومة نتنياهو ويُعتبر خصمه الأكبر في المُعارضة اليوم. كثيرًا ما يتحدث لبيد عن القضايا الخارجية والأمن بشكل يُذكرنا برأي نتنياهو، ويعتقد مُنتقدوه أنه يُحاول أن يكون “نتنياهو أكثر من نتنياهو”. ينتقد لبيد، بشدة، الاتفاق النووي مع إيران، وينتقد مجلس حقوق الإنسان؛ التابع للأمم المُتحدة، ويتهمه بمعاداة السامية، وينتقد المؤسسات التي تجمع شهادات عن جرائم حرب من الجنود الإسرائيليين.
وخطى لبيد خطوة إلى الأمام عندما نشر صوره وهو يُصلي عند حائط المبكى في القدس، مُشيرًا بذلك إلى أن الجانب الوطني – الديني حاضرٌ في هويته بقوة.
أيضًا هناك في أكبر حزب في المعارضة، المُعسكر الصهيوني، جهات تأخذ هذا المنحى. والميل إلى اليمين، بالنسبة لهم، يتمثل بتوجيه الانتقادات لنواب الكنيست العرب. قال، هذا الأسبوع، نائب الكنيست حيليك بار للنائب أحمد الطيبي: “أنت هنا بفضل جنود الجيش الإسرائيلي الذين يحمونك”. كان بار، في دورة الكنيست السابقة، يترأس “لوبي الحل القائم على دولتين”، ولكن، يبدو أنه في دورة الكنيست هذه أدرك أنه من الأفضل له أن “يُغازل” مُعسكر اليمين، وليس مُعسكر اليسار.
ويُهاجم نائب آخر في المعسكر الصهيوني نواب الكنيست العرب دائمًا، كمحاولة منه لمُغازلة اليمين، وهو النائب ايتسيك شمولي. يقود شمولي، وفق مُحللين سياسيين، توجه حزب اليسار إلى اليمين، كمحاولة للتشبه برئيس الحكومة الراحل يتسحاك رابين الذي كان لسنوات “صقر” حزب العمل. انتقد ولا يزال ينتقد الأسطول الفلسطيني إلى غزة، قانون لَم شمل العائلات في إسرائيل وكذلك قضية تبرير مسألة رشق جنود الجيش الإسرائيلي بالحجارة.
وسنعرف في الانتخابات القادمة فقط إن كان سيجلب المنحى الجديد الذي اتخذه لبيد وشمولي مُنتخبين إضافيين لهما.