النشيد الوطني الإسرائيلي، “هاتيكفاه”، الذي يعني الأمل، يقف مرة أخرى في مركز الجدل حول طابع دولة إسرائيل. صرّح الحاخام شالوم كوهين، الزعيم الروحي لحزب شاس الديني وخليفة الحاخام عوفاديا يوسف، في مؤتمر سياسي عُقد في الأسبوع الماضي، بتصريح حادّ حين قال إنّ النشيد الوطني الإسرائيلي هو “أنشودة غبيّة”.
كُتب “هاتيكفاه” من قبل نفتالي هيرتس إيمبر، وهو يهودي من شرق أوروبا ولم يكن متديّنا، ولكنه أعرب عن توق الشعب اليهودي الشديد لأرض القدس، وذلك بعد زيارة لأرض إسرائيل (فلسطين) في أواخر القرن التاسع عشر. تُوفّي في سنّ 53، بمرض نتج عن الاستهلاك المفرط للكحول.
شاهدوا أنشودة “هاتيكفاه” مترجمة إلى العربية:
https://www.youtube.com/watch?v=y5ThOfhrLhk
يرى الكثير من المتديّنين من الجناح المتطرّف في إسرائيل بالنشيد الوطني أنشودة علمانية، ليست مقدّسة، ولذا فلا يجب احترامها. هذا ما ظهر أيضًا في تصريحات الحاخام كوهين، الذي تحدّث عن تفضيل الصلاة على النشيد الوطني.
تحدّث الحاخام كوهين عن حادثة كان حاضرا فيها مع الحاخام الراحل عوفاديا يوسف، في مراسم تتويج حاخام آخر. قال كوهين إنّه مع انتهاء المراسم، قام جميع المشاركين وبدأوا بإنشاد النشيد الوطني الإسرائيلي، وأضاف بأنّه عبّر عن دهشته من إنشاد النشيد الوطني في المراسم: “هل هؤلاء مجانين؟ لم أقف معهم”.
الحاخام كوهين: “لقد كان الحاخام عوفاديا يوسف رجلا حقيقيّا، ولم يرغب بأنّ تؤثّر هذه الأنشودة الغبية عليه”
أما الحاخام عوفاديا فقد وقف في المراسم، ولذلك سأله الحاخام كوهين لماذا شارك في الأنشودة العلمانية؟ بحسب كلامه، أجابه عوفاديا بأنّه في الوقت الذي غنّى الجميع النشيد الوطني، غنّى هو بقلبه صلاة. لخّص كوهين قائلا: “لقد كان رجلا حقيقيّا، ولم يرغب بأنّ تؤثّر هذه الأنشودة الغبية عليه”.
أثارت تصريحات الحاخام كوهين غضبا في الأوساط الصهيونية الرئيسية في إسرائيل. قال وزير التربية الأسبق شاي بيرون إنّها “تصريحات مهينة”.
شلومو بنيزري “النشيد الوطني ليس نشيدا دينيّا، وهو يمثّل دولة لا تخشى الله”
وهُرع رئيس حزب شاس، أرييه درعي، للدفاع عن حاخامه وشرح قائلا: “في تلك المراسم، في مدارسنا لم ينشدوا النشيد الوطني. لم يقصد أي أحد الاستخفاف بأحد رموز دولة إسرائيل”.أضاف زميله في الحزب، عضو الكنيست السابق شلومو بنيزري، إلى كلام درعي بأنّ “النشيد الوطني ليس نشيدا دينيّا، وهو يمثّل دولة لا تخشى الله”، واشتكى من أنّ الأطفال اليهود في إسرائيل يعرفون كلمات النشيد ولكنّهم لا يعرفون كيف يصلّون.
وسوى ذلك، فقد هاجم درعي وبنيزري هوية كاتب النشيد الوطني، الذي لم يحرص على اتباع الدين اليهودي. وصف درعي إيمبر بأنّه “فاقد لهويّته الثقافية”، وأضاف أنّ إيمبر كان سكّيرا.
وتعيش في إسرائيل اليوم مجموعتان كبيرتان من السكان تجدان صعوبة في التماهي مع النشيد الوطني الصهيوني في البلاد. اليهود المتطرّفون هم المجموعة الأولى من بينهما فقط، ويُضاف إليهم نحو مليون ونصف مواطن عربي يعيشون في البلاد. وقد تمّ التأكيد على نظرة المواطنين الإسرائيليين تجاه النشيد الوطني بشكل أكبر عندما شوهد قاضي المحكمة العُليا، سليم جبران، قبل ثلاث سنوات في حفل رسمي وهو لا ينشد كلمات النشيد الوطني.
غضبت بعض الجهات في اليمين الإسرائيلي لفعلة جبران وطالبوا وزير العدل بإقالته من كرسي القضاء وسنّ قانون لا يسمح للعرب بتولّي منصبا في المحكمة العُليا. وقد دافع وزير الدفاع حينذاك، موشيه يعلون، الذي هو أيضًا شخصية يمينية، عن جبران قائلا: “إنّ الهجوم على سليم جبران يثير الدهشة وهو لا داعي له وتخرج منه رائحة سيئة من اضطهاده لمجرّد أصوله”.
وقد ذكّر يعلون أنّه في الجيش الإسرائيلي أيضًا يخدم جنود عرب من أبناء العرب، والبدو وأبناء الطائفة الدرزية والشركس، ويرفضون غناء “روح يهودية ما زالت تتحرّك شوقًا”
فضلًا عن ذلك، فإنّ أعداء إسرائيل أيضًا استطاعوا استغلال النشيد الوطني الإسرائيلي من أجل السخرية من اليهود والصهيونية:
https://www.youtube.com/watch?v=z1D7G-rs3YE
في هذه الأثناء، هناك من يدعو دولة إسرائيل إلى اعتماد نشيد آخر كنشيد وطني. اقترحت عضو الكنيست ميراف ميخائيلي، حتى قبل انتخابها في الكنيست، تغيير النشيد الوطني اليهودي بنشيد يعكس طموحات كل فرد باعتباره إنسانا، نشيد يعبّر عن قيم عالمية.
من الصعب رؤية اقتراح ميخائيلي وهو مطبّق في أيامنا في دولة إسرائيل. لا يزال المجتمع الصهيوني يراه نصف مقدّس، بينما يستمرّ المتديّنون والعرب بالتخبط حول نظرتهم إلى هذا النشيد.