توفي الدكتور عمري نير، وهو باحث إسرائيلي قدير في الإسلام الشيعي والسياسة اللبنانية، يوم الجمعة الماضي خلال رحلة في وادي السيال الواقع في برية الخليل، عندما قفز لإنقاذ ابنه البالغ من العمر 11 عاما والذي انزلق وسقط من جرف. وفقا لشهود العيان الذين تجوّلوا معهما، فقد لفّ الدكتور نير ابنه بجسده وأمسك به طوال مدة السقوط، من أجل تلقّي الضربات القاتلة التي أدت إلى موته. أنقِذت جثّة نير بعد عدة ساعات، ونُقل ابنه المصاب إلى المستشفى. ترك نير وراءه زوجة وثلاثة أبناء.
يُعتبر الدكتور نير محلّلا مطلوبا في الإعلام الإسرائيلي في القضايا اللبنانية والشيعية، واقتبسه الإعلام العربي أيضًا، وخصوصا في الإعلام اللبناني. كان محاضرا قديرا في جامعة تل أبيب، الجامعة العبريّة في القدس، جامعة بن غوريون في النقب ومؤسسات أكاديمية أخرى، وألقى دورات في مواضيع لبنان، سوريا الحديثة، القادة والقيادات في العالم العربي والإسلامي، الشيعة في الدول العربيّة والحركات الإرهابية في الإسلام.

في كتابه “نبيه بري والسياسة اللبنانية” (2011)، ركّز الدكتور نير تحديدا على حركة “أمل” وليس حزب الله كما كان شائعا في أوساط الباحثين في زمنه. لقد جعلته مقالاته، التي درس فيها خصائص الشيعة اللبنانيين كطائفة سياسية، بل والتغييرات في منحنى شعبية تنظيم حزب الله، باحثًا قديرا ومعروفا في البلاد والعالم.
تحدّث البروفيسور إيال زيسر الذي كان مرشد نير في وظيفة الدكتوراة، عن “الاهتمام الحقيقي الذي أظهره نير بأبناء الطائفة الشيعية في لبنان وعن الرغبة والتوق في فهم سرّ سحرهم”.
قال البروفيسور إنّ “عمري لم يمض في الطريق السهل واختار تنظيم حزب الله أو قياداته الكرازماتيين، وعلى رأسهم حسن نصر الله، وإنما تحديدا حركة أمل وقائدها المعتدل والبراغماتي نبيه برّي، الذي يسعى إلى التغيير انطلاقا من الاستمرارية بموجب التقاليد اللبنانية، وليس وراء الثورة المعتمدة من قبل إيران”.
وأضاف أنّ قرار نير في اختيار الشيعة كموضوع لبحوثه “نابع أيضًا من الفضول، والتضامن أيضًا مع من اعتُبر دائما الحلقة الأضعف في السياسة اللبنانية، وقد نجح بخلاف كل الاحتمالات”.
مقال الدكتور نير حول الفراغ السياسي في لبنان نُشر سابقا في موقع “المصدر”.