اللاجئون الفلسطينيون بين المجموعات التي تعاني بشكل قاسٍ من الحرب الأهلية السورية. فقد قُتل حتّى الآن 1500 فلسطيني في الحرب بين الأسد والمتمردين، وأصيب كثيرون آخرون.
والخشية في هذه الأيام هي من عمل انتقاميّ كبير للأسد وقوّاته ضدّ مخيّم اليرموك للّاجئين الفلسطينيين، الذي تخرج منه عمليات كثيرة للجيش السوري الحر، بالتعاون مع تنظيمات فلسطينية مثل الجبهة الشعبية وحماس، التي لديها جذور عميقة في المخيّم ومعرفة عملياتية يُسرّ الثوار السوريون باستخدامها.
ورغم محاولات قيادة حماس – في غزة وخارجها – استعادة التمويل الإيراني للتنظيم (بعد سقوط الإخوان المسلمين في مصر)، فإنّ ناشطين محليين للحركة في سوريا يعارضون نظام الأسد، ويتعاونون بوضوح مع الجيش السوري الحر. أحد تطورات الأشهر الأخيرة هو انتقال ناشطين عديدين لحماس من قطاع غزة إلى سوريّا، حيث وصلوا ليقدّموا الدعم لقوات المتمردين. ولاقى البعض حتفهم هناك، وحظوا بالتقدير والتمجيد بين ناشطي الحركة في غزة.
أحد الإسهامات الرئيسية لرجال حماس في دعم الثوار السوريين هو المعرفة الخاصة التي لديهم التي اكتسبوها في بناء الأنفاق، خبرة نقلوها من غزة إلى سوريّا. من الجهة الأخرى، لحزب الله أيضًا معرفة كهذه كما هو معلوم، استخدمها في جنوب لبنان، وكُشف عنها في الحرب مع إسرائيل عام 2006.
على ضوء هذه الأمور، فإنّ استخدام الأنفاق كتكتيك قتالي بات شعبيًّا جدًّا في الأشهر الأخيرة. وكان هذا عبارة عن “هدية” أهداها مسؤولو حماس لرجال المعارضة السورية في الأشهر التي اقتربوا فيها من قطر والإخوان المسلمين في مصر، وأرادوا إظهار الولاء والانفصال عن الأسد وإيران – حليفَيهم لسنواتٍ طويلة. خلال تلك الفترة، وصل ناشطون عديدون من كتائب عزّ الدين القسّام، الجناح العسكري للحركة، إلى سوريّا بادئين بتقديم المساعدة التقنية للجيش السوري الحر. لكنّ أمورًا كثيرة تغيّرت مُذّاك، وتحاول حماس الاقتراب مجدّدًا من الإيرانيّين الآن. لكن يبدو أنه على الأرض، يرفض ناشطو الحركة تغيير الاتجاه، ويعملون بنشاط لإسقاط “الطاغية السوري”.
الأنفاق: “تقنيّة التصدير” المركزية لحماس في غزة
لم تخترع حماس الأنفاق، فهذه طريقة طوّرتها الميليشيات منذ القرن الماضي، في كوريا الشمالية مثلًا، لكنّ حركة حماس حطّمت الأرقام القياسيّة في استخدام هذه المقدرات. في البداية، كان الهدف الرئيسي للأنفاق تزويد وسائل قتاليّة مختلفة للتنظيمات الإرهابية، لكن على مرّ السنين تحوّلت إلى صناعةٍ بحدّ ذاتها وإلى وسيلة هامّة لتهريب الأشخاص، إلى الداخل والخارج، والبضائع كالأدوية والألبسة، السجائر، المشروبات الكحولية والمخدّرات. وفق معطيات الأمن الإسرائيلي، خلال عام 2007 حصل الجناح العسكري لحماس على 40% من موازنته، المقدّرة بعشرات ملايين الدولارات، عبر الأنفاق.
مرّت عمليّة بناء الأنفاق بتحوّلات عديدة على مرّ السنين، وأصبحت معقَّدة ومنظَّمة. عشرات الآلاف جزء ممّا أصبح أحد أكثر الفروع ربحًا في قطاع غزة، رغم المحاولات العديدة لإسرائيل ومصر لإحباطه. اليوم يحدّد مهندسو حفر مداخل النفق، حجمه، عمقه، طوله، مساره، مدى ملاءَمة نوع الأرض، الأدوات الكهربائية واليدويّة، عدد العاملين الذين سيحفرون، التخطيط والتنفيذ السريَين لإفراغ الأرض، وطرقًا أخرى لمنع اكتشاف النفق. ويجري حفر معظم الأنفاق باستخدام أطفال. يضمّ قسمٌ من الأنفاق أحزمة كهربائية لنقل البضائع المهرّبة، وخطوط هاتف للتواصُل بين المهرِّبين.
لا تُستخدَم الأنفاق لتهريب الوسائل القتالية والبضائع فحسب، بل أيضًا لانتقال نشطاء إرهابيين بين قطاع غزة وشبه جزيرة سيناء. وقد وُجدت في سيناء وفي سوريا حالات وضع عبوات ناسفة على مدخل النفق، أو تخبئة مقاتلين داخله، والخروج منه فجأةً. كل هذه العمليات نقلتها حماس إلى الجيش السوري الحر.