أدى حدثان وقعا هذا الأسبوع، في إسرائيل والمغرب، إلى أن أُفكر من جديد في علاقة الحب والكراهية بين إسرائيل والمغرب.
صرّحت وزارة الخارجية الإسرائيلية، في الأسبوع الماضي، أنها ستستضيف سبعة صحافيين مغاربة في زيارة بهدف تحسين مكانة إسرائيل في وسائل الإعلام العربية. قالت إحدى الصحفيات المشاركات في الزيارة “عندما يتم التعبير في المغرب عن تأييد إسرائيل – فتتم مقاطعة القائل”. قال لي أصدقائي إنني سأندم على زيارتي مدى الحياة وأنها ستؤدي إلى التحريض ضدي والتهديد بقتلي”.

رُفع، من ناحية أخرى، في الأسبوع الماضي علم إسرائيل في مدينة مراكش، حيث عُقد هناك مؤتمر للأمم المُتحدة حول موضوع المناخ. خرج المئات في العاصمة الرباط احتجاجًا على رفع العلم، أحرقوا الأعلام الإسرائيلية، وأطلقوا شعارات “الموت لإسرائيل وأمريكا”.
بحث الإسرائيليون عن وجهات سياحية جديدة في الشرق الأوسط، بعد أن تقلصت إمكانيات سفرهم تحديدا في السنوات الأخيرة، إلى تركيا ومصر، وقد أتاحت لهم الملكية الدستورية في المغرب هذه الفرصة.
توقع الإسرائيليون حتى في عام 2009 أن يطرأ تغيير إيجابي في العلاقات بين إسرائيل والمغرب، وأن يأمر الملك محمد السادس، الذي أمر بقطع العلاقات الرسمية بين الدولتين بعد اندلاع الانتفاضة الثانية، بتجديدها أيضًا. بعث الرئيس أوباما في تلك الأيام البريئة، حين كان الرئيس الأمريكي لا يزال متفائلاً بخصوص إمكانية تجدد المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين، رسالة إلى الملك وطلب منه أن “يأخذ دورًا أكبر” في عملية السلام ويشجع الدول العربية الأخرى تطبيع علاقاتها مع إسرائيل. لم يُنشر حتى اليوم رد الملك على الرسالة وظلت طبيعة العلاقات بين الدولتين ضبابية.
علاقة حب وكراهية

يحفل تاريخ المغرب، بخلاف الدول العربية، بعلاقة طيبة مع إسرائيل على مستويات مُختلفة. بدأت تلك العلاقات في الخمسينات والستينات، مع وصول مئات آلاف المغاربة اليهود إلى إسرائيل.
نالت المغرب عام 1956 استقلالها من فرنسا، وكانت أولى خطوات الحكومة المغربية الجديدة هي تقييد رحيل يهود المغرب إلى إسرائيل. منعت المغرب بعد ذلك بعام حتى أي نشاط صهيوني على أراضيها. عملت الحركة اليهودية السرية في المغرب، بعد تلك التقييدات على هجرة اليهود المغاربة إلى إسرائيل، وبتوجيه من الموساد على تهريب اليهود إلى إسرائيل سرا.

طرأ تغيير كبير في عام 1961 بعد مأساة غرق سفينة “أجوز” (عملت السفينة التي كانت تقل يهود المغرب إلى إسرائيل، سرًا، وكُشف عنها بعد غرقها وموت 44 راكبًا كانوا على متنها)، وبعد نقل السلطة في المغرب من الملك محمد الخامس إلى ابنه الحسن الثاني أُجريت مفاوضات سرية بين إسرائيل والمغرب وتم التوصل إلى اتفاق يُتيح خروج اليهود من الدولة.
وافقت إسرائيل، ضمن شروط ذلك الاتفاق، أن تدفع مبلغ 250 دولار مُقابل كل يهودي تسمح له المغرب بالخروج من أراضيها، بينما تكفلت بمساعدة المغرب على تحسين أجهزة الأمن الداخلية فيها. هاجر معظم اليهود المغاربة، بعد فك قيود الخروج من المغرب، إلى إسرائيل أو إلى أوروبا في السنوات التي تلت الاتفاق.
التدخل في عمليات السلام
كان والد الملك محمد السادس (الملك الحالي)، الملك الحسن الثاني، في عام 1977 جزءًا من المباحثات التي أجريت عام 1977 والتي تمخضت عنها زيارة الرئيس المصري حينها، أنور السادات، إلى إسرائيل. استضاف الملك الحسن الثاني حتى في عام 1986 رئيس الحكومة الإسرائيلي في حينه، شمعون بيريس.

إلا أن العلاقات بين الدولتين تأسست فعليًا في عام 1995، بعد توقيع اتفاقات أوسلو. افتتحت إسرائيل في ذلك العام ممثلية مصالح لها في الرباط، عملت على تطوير العلاقات الاقتصادية، السياحية، والسياسية بين الدولتين. وفتحت المغرب ممثلية موازية في تل أبيب.
خضع الملك محمد السادس، بعد اندلاع الانتفاضة الثانية، الذي كان قد استلم العرش بعد والده قبل عام من ذلك، للضغوطات التي مارستها عليه الجامعة العربية والرأي العام فقطع العلاقات مع إسرائيل.

حافظ الملك على العلاقات مع إسرائيل، على الرغم من قطع العلاقات رسميًا، في البداية من خلال آندري أزولاي، الذي كان مُستشار والده للشؤون الإسرائيلية، وفي السنوات الأخيرة من خلال رئيس الجالية اليهودية في المغرب، سرج باردوغو.
كان بعض تلك المحادثات سريا وخاضها موظفون من وزارتي خارجية الدولتين ومسؤولين أمنيين فيهما. تم بعض اللقاءات الأخرى علنا. دُعي في عام 2003 وزير الخارجية في حينه، سيلفان شالوم، لزيارة رسمية إلى المغرب والتقى مع الملك، الذي طلب منه استغلال علاقة إسرائيل مع الولايات المتحدة، لدعم موقف المغرب في قضية الصحراء المغربية.

التقى رئيس حزب العمل في حينه، عمير بيرتس، في شهر شباط عام 2006، الملك في مدينة فاس. قال محللون إسرائيليون إن الهدف من دعوته هو دعم بيرتس عشية انتخابات الكنيست. شهدت باريس، في تموز 2007 وبعد تحضيرات كبيرة، لقاءً جمع بين وزيرة الخارجية تسيبي ليفني ونظيرها المغربي، محمد بن عيسى. شارك في اللقاء أيضًا رئيس المخابرات المغربية.

تم العمل بشكل حثيث في السنوات الأخيرة، وفقًا لمصادر سياسية إسرائيلية، من أجل إعادة العلاقات بين إسرائيل والمغرب بشكل رسمي إلا أن تلك الجهود باءت بالفشل. وقالت تلك المصادر إن إسرائيل قامت بمبادرات حسن نية حيث دعمت المغرب في الساحة الدولية إلا أن الأخيرة لم ترد على مبادرات حسن النية تلك.
الإسرائيليون يتجولون في المدن المغربية
لا يزال الإسرائيليون يذهبون إلى المغرب للسياحة، على الرغم من عدم وجود علاقات رسمية بين الدولتين، وتحديدًا من خلال الرحلات المُنظمة ويُقدر عدد السياح الإسرائيليين الذين يزورون المغرب كل عام بـ 10 – 15 ألف سائح. حتى أنه قبل اندلاع الانتفاضة الثانية كانت هناك رحلات جوية تجارية بين الدولتين. تمنع المغرب رسميًا دخول إسرائيليين منفردين إلى أراضيها ولكن، يمكن الحصول على مثل تلك التأشيرات (Visa).

يعتبر السائح الإسرائيلي العادي المغرب دولة فيها كل شيء! يسافر إلى المغرب أزواج شابة من الإسرائيليين الباحثين عن قضاء شهر عسل لطيف، سياح بالغون نسبيًا، ممن وُلدوا في المغرب وتركوها لصالح الهجرة إلى إسرائيل في الخمسينات والستينات. يُدعى أولئك السياح “سياح الجذور”، الذين يرغبون في زيارة مسقط رأسهم وأن يروا ما الذي حل ببيوتهم. وهناك الكثير من السياح الإسرائيليين الذين يصلون إلى أهم وأعرق المواقع المشهورة في المغرب.

يدمج المغرب، بالنسبة للسائح الإسرائيلي الذي يبحث عن وجهات سياحية مُلفتة، بين الطابع الأوروبي والعربي والأفريقي، وهذا معروف جدًا في كل مكان. تتضمن الوجهات السياحية الرئيسية التي يتوجه إليها الإسرائيليون مدينة تنغير الشمالية التي تتميز بطابعها المتنوع والمميز، فاس نظرًا لأسواقها الجميلة والمبهرة، كازبلانكا (الدار البيضاء) وهي مدينة مرفأ جميلة، والعاصمة الرباط.
شهدت العلاقات المغربية – الإسرائيلية حالات مد وجزر طوال العقود الأخيرة. تأثرت تلك العلاقات غالبًا بالأحداث السياسية العامة والداخلية وأحيانًا بالظروف الجيوسياسية التي أحاطتها. هنالك بالمحصلة علاقات نُسجت بين البلدين، وإن لم تكن دائمًا علاقات حميمة، إلا أنها بداية علاقة تطبيع غير واضحة.