يعرض المطبخ العربي، للعام 2014، في لوائح طعام المطاعم الفاخرة في تل أبيب أطباق ما كنتم لتصدقوا أن أصلها من المطبخ العربي – الفلسطيني: قطع لبنة، باستا خبيزة مجففة، بودرة زيتون أسود وقشدة كبة.
عندما قدمت نوف عثامنة، المشاركة العربية في برنامج الطبخ الأكثر متابعة في إسرائيل “ماستر شيف”، طبق فتة الحمص مع كافيار الطماطم، لم يصدّق الحكام ما رأوه. أرادت نوف أن تضع “مطبخ الفقراء”، المطبخ “العربي الفلسطيني” في وقت ذروة المشاهدة في التلفزيون. منح نجاحها وفوزها للمشاهدين الإسرائيليين نظرة مميزة للقدرة الكبيرة لهذا المطبخ التقليدي الذي يمكنه تقديمها. بدأت رياح التغيير والبراعة للمطبخ العربي بالتغيّر، بشكل غير مسبوق، وبدأ يتوجه من الطابع التقليدي والمعروف إلى العصري والممتاز.
ادعى الشيف يوسف حنا، رئيس الطباخين في مطعم “مجدلينا” في شمال إسرائيل، في مقابلة له مع وسائل إعلام إسرائيلية، بخصوص التغيير الذي طال المطبخ العربي، “لا شك أنني أعتقد أننا في ذروة ثورة كبيرة”. مجدلينا هو مطعم عربي متطور، يُترجم المطعم الريفي القديم إلى أطباق عصرية وجميلة بشكل مميز جدًا.
“نحن متأثرون جدًا من المطبخ الإسرائيلي الجديد”، اعترف حنا، “أنا على علاقة بالكثير من الطباخين اليهود، وهم الذين دفعوني بشكل قوي بأن أمضي قُدمًا بمطبخي. وأن أفعل شيئًا مختلفًا. إن كنا سابقًا نقوم بحشي كتف خروف ووضعه على المائدة اليوم نرى أطباق صغيرة وأكثر نعومة. لا يعني هذا أننا ابتعدنا تمامًا عن الأصل وعن مذاقاتنا، لكننا أعطينا الطعام تنوعًا جديدًا. نحن الآن نستثمر أكثر بطريقة تقديم الطعام العصرية وبتقنيات عصرية. سابقًا، كان معروفًا أنه يتم حشو الكبة باللحم. اليوم أقوم بحشي الكبة بالفواكه البحرية. في مطبخنا (الفلسطيني) لم تكن هناك قشدة، ولكنني اليوم أرى بأن قشدة الباذنجان، قشدة القرنبيط وقشدة الجذور هي طريقة ممتازة للحفاظ على مذاقاتنا بتقنيات جديدة وملفتة”.
يدمج الكثيرون من الطباخين العرب، من الجيل الجديد، في مطابخهم تقنيات طبخ عصرية. على سبيل المثال، يُحضّر الشيف عُمر علوان في مطعم حج كحيل في يافا بودرة زيتون أسود وباستا من الخبيزة تم طحن أوراقها جيدًا.
يعترف طباخون إسرائيليون من الدرجة الأولى أنهم ينفتحون أكثر للتجديدات التي تحدث في العالم، وكذلك في العالم الغربي والعربي – سوريا، لبنان والأردن. هناك التقنية هي دمج المطبخ التقليدي مع المطبخ العصري الجديد. مثلاً، تحضير الكبة النيئة على طريقة القشدة والموسية.
أحد النماذج البارزة هو التوجه لتحضير طعام صحي. تخلص الناس من كميات الدهون، واليوم يبحثون عن بديل للقلي بالزيت العميق والمطبخ العربي الفلسطيني يعجُ بالأطباق التي تلائم الخُضريين، النباتيين ومن يحبون تناول الطعام قليل الدسم.
ليس هناك المزيد من “الحمص – التشيبس – المشاوي”
يمر المطبخ العربي مؤخرًا بتطور نوعي متسارع. تجذر في الوعي الإسرائيلي، على مدى تاريخ مجال الطبخ، أن المطبخ العربي هو مطبخ بسيط يُقدم في أفضل الحالات “الحمص، التشيبس والمشاوي”، إلا أنه مؤخرًا تحول إلى الحديث الرئيسي لدى الذواقين.
تنوي د. نوف عثامنة هذه الأيام إقامة مدرسة يهودية – عربية للطبخ. “تقبل الوسط اليهودي في إسرائيل المطبخ العربي التقليدي بمحبة كبيرة أيضًا عندما كان يقدم “الحمص، التشيبس والمشاوي”، حسب قولها، “وهذه إشارة إلى أن الذائقة المحلية تحب النكهات العربية. حصل التجديد في المطاعم العربية الفاخرة التي تم افتتاحها مؤخرًا وفتح المجال لفرصة أوسع للتعرف على هذا المطبخ. لا يزال هناك الكثير من الأطباق التقليدية غير المعروفة هنا، ولم يتم بعد القيام بعمليات دمج كافية وأنماط تقديم جديدة لتعريف هذا المطبخ. انقرض جزء من الأطباق المحلية تقريبًا، وتُميز بعض الأطباق مناطق بعينها، مثل زعتر باقة الغربية الذي يحتوي على الشومر البري المطحون والذي يختلف عن الزعتر في أماكن أخرى. إن الكباب السوري طبق يستحق التعرف عليه والذي يحتوي على كرز حامض، ويتميز اللبنانيون بالجبنة المعفنة التي تميز منطقتنا”.
هناك حاجة لوجود نساء في المطابخ العربية المتميزة
رغم كل تلك التجديدات العصرية والتقنيات الحديثة التي يتباهى بها المطبخ العربي، معروف أن هذا المطبخ لا يزال يسيطر عليه الرجال. يمكن إحصاء عدد النساء اللواتي يعملن في المطابخ على أصابع اليد.
“أتوق أن تتجرأ النساء العربيات بدخول مطابخ المطاعم”، يقول الشيف الياس مطر، الذي كان حتى فترة قريب شيف مطعم دانتيه في الناصرة، “المرأة لها يد مختلفة في المطبخ، طاقة مختلفة، نعومة وروح لا يمكن أن نجدها في طبخ الرجال. أنا مُستعد لتبني أي شابة تريد أن تندمج بهذه المهنة، حتى وإن كانت لا تعرف شيئًا وتحتاج أن أُعلمها كل شيء من البداية. حتى أنه في مجتمعاتنا معروف أن للفتيات فقط مسموح مساعدة الأمهات بتحضير الطعام، ويطّلعن على ما يحدث في المطبخ من سن صغيرة. ولكن، لم يحدث ذلك كمهنة بعد. صحيح، العمل في مطبخ مطعم هو شيء صعب من نواحٍ كثيرة: جسديًا، عقليًا ونفسيًا. هذا ما يجعل النساء العربيات لا يدخلن هذا المجال، ولكنني أتمنى أن يتغير ذلك”.
المطبخ العربي يحتل العالم
في أوروبا والولايات المتحدة تُحقق المطاعم العربية نجاحًا باهرًا في السنوات الأخيرة، لأنه لا يمكن منافسة المذاقات الرائعة لهذا المطبخ. بدأت تلك الثورة في إسرائيل بشكل متأخر نسبيًا ولكنها تتسارع بشكل كبير جدًا.
ينجح المطبخ العربي باحتلال العناوين في العالم بفضل جانب الصحة العالمي. المطبخ العربي الفلسطيني دقيق بنكهاته، يدمج النبات بشكل كبير في أطباقه ويعرف كيف يُخرج أفضل الأطباق من اللحوم والأسماك وهي الأطباق التي تُميز الشرق الأوسط.
لم يصل مرشد ميشلن للطبخ إلى الشرق الأوسط بعد، ونشك إن كان سيصل يومًا، لذا من الصعب أن نجد نجوم ميشلن تتطاير في مطاعم الناصرة، حيفا أو يافا. ولكن، إذا تصفحنا مواقع الطعام المختلفة الخاصة بهذه الأماكن نكتشف أماكن فاخرة جدًا، بوجود مطاعم مميزة وأطباق يتم تركيبها تركيبًا ملفتًا وعصريًا.