بعد تسع سنوات من السفر مسافة خمسة مليارات كيلومتر في الفضاء، حلق المسبار الاميركي “نيو هورايزنز” الثلاثاء في اجواء الكوكب القزم بلوتو، في مهمة تاريخية تتيح الكشف عن اسرار هذا الجرم الواقع على اطراف المجموعة الشمسية.
ومر المسبار بسرعة هائلة تبلغ 49 الفا و300 كليومتر في الساعة بمحاذاة الكوكب القزم على ارتفاع 12 الفا و430 كيلومتر عن سطحه، وذلك عند الساعة 11,49 ت.غ.، بحسب ما اعلنت وكالة الفضاء الاميركية ناسا.
وقالت كاتي اولكين العاملة في المهمة “ان هذا اليوم الواقع في الرابع عشر من تموز/يوليو يشكل ذروة ما عملنا له”.
واضافت “لقد اطلق هذا المسبار قبل اكثر من تسع سنوات، ومنذ ذلك الحين نعمل على توجيهه بشكل آمن في المجموعة الشمسية، ونحن سعداء لوصوله الى جوار بلوتو واكتشاف سطحه”.
وسيلتقط على مدى ساعات اقصى ما يمكن التقاطه من الصور والمعلومات حول هذا الكوكب القزم الذي ما زال العلماء يجهلون الكثير عنه.
بعد ذلك يواصل رحلته متجها الى حزام كايبر، وهو سحابة هائلة من الاجرام الصغيرة خارج مدار نبتون.
ولأن المسبار سيكون منهمكا في التقاط الصور، فانه لن يرسلها مباشرة، بل يتعين على علماء وكالة الفضاء الاميركية ناسا الانتظار بضع ساعات قبل الاتصال به والحصول على الصور.
وقالت أليس بومان مديرة عمليات المهمة “سيتوقف المسبار لوقت قصير عن التقاط الصور والمعلومات ويتجه الى الارض لإرسال بعض القياسات على مدى 15 دقيقة”.
وبحكم المسافة الكبيرة، يستغرق وصول الاشارات والمعلومات من محيط بلوتو الى الارض اربع ساعات و30 دقيقة.
وينتظر العلماء بفارغ الصبر وصول المعلومات والصور ولا سيما لتخوفهم من ان يصطدم المسبار بواحد من الاجسام الصخرية او الجليدية التي تسبح في محيط بلوتو.
ويقول الان شترن احد المهندسين المسؤولين عن المهمة “لست قلقا كثيرا من هذا الامر” مشيرا الى ان احتمال ان يواجه المسبار حادثا كهذا لا يتعدى واحدا من عشرة الاف.
ويضيف “لكن لا شك اننا سنكون في حالة ترقب حتى مساء الثلاثاء، الى حين ان نتثبت من ان المسبار مر بسلام قرب بلوتو”.
وسبق ان مسح خبراء وكالة ناسا مسار المسبار وتثبتوا من كونه خاليا من اي عائق، الا ان اي جسم مهما كان صغيرا قد يؤدي الى تحطيم المسبار الذي لا يزيد حجمه عن حجم آلة بيانو والذي يطير بسرعة هائلة.
ويقول شترن “لم يسبق لأي جهاز من صنع البشر ان ذهب الى هذا البعد ودخل في حزام كايبر، نحن نسافر في المجهول”.
وقد ارسل المسبار حتى الآن بيانات مفيدة جدا للعلماء، منها ما يثبت ان الجليد يغطي قطبي بلوتو، وتوصلوا الى اجراء قياس دقيق لحجمه وملاحظة الاشكال الفريدة على سطحه.
ومع المرور بمحاذاة الكوكب القزم، سيتمكن المسبار من تحليل تكوين غلافه الجوي، وتكوينه الجيولوجي، وتحديد درجات الحرارة على سطحه، والتقاط صور عالية الدقة.
وتفيد هذه المعلومات ليس فقط في فهم هذا الجرم، وانما ايضا في فهم اصول كوكب الارض، فنظام بلوتو اشبه ما يكون بنموذج عن النظام الشمسي في اول مراحله.
وتدور حول بلوتو خمسة اقمار، وهو محاط بغلاف جوي من غاز الآزوت (نيتروجين)، ولديه نظام معقد لتوالي الفصول، وخصائص جيولوجية فريدة، وهو مكون بشكل اساسي من الصخور والجليد.
ويقع بلوتو على مسافة بعيدة جدا من الشمس، لذا فانه يتم دورة واحدة حولها في الوقت الذي تتم فيه الارض 247,7 دورة. ويبلغ قطره الفين و300 كيلومتر، اي انه اصغر من قمر الارض، وكتلته اقل من كتلة الارض بخمسمئة مرة.
ويشتبه العلماء في انه يحتوي على محيط مائي تحت طبقة الجليد السميكة التي تغطي سطحه، على غرار قمره شارون الذي يشتبه ايضا في ان له غلافا جويا.
وكان علماء الفضاء يصنفون بلوتو على انه واحد من كواكب المجموعة الشمسية، لكن في العام 2006 قرر الاتحاد الفلكي الدولي تصنيفه ككوكب قزم بسبب حجمه الصغير، فلم يعد على قائمة كواكب المجموعة الشمسية سوى ثمانية اجرام هي عطارد والزهرة والارض والمريخ وزحل والمشتري ونبتون واورانوس.