يميل الليكوديّون، أعضاء الحزب الحاكم، إلى التباهي لكونهم حزبًا لا يعزل زعيمًا وهو في منصبه. ولاء حتى الموت. رئيس الليكود يخرج فقط على عجلات في مرض صعب (بيجن) أو عند الخسارة في الانتخابات (شمير). لا يتم عزل رئيس الحكومة وهو في منصبه بحركة وهكذا حدث هذا الأسبوع، في مؤتمر المنتسِبين لمن اعتُبر الشخص رقم 2 المحتمل بعد نتنياهو، وزير الداخلية جدعون ساعر، كان أنصار الحزب حذرين من الحماسة المفرطة تجاه ساعر.
صاح عضو آخر من الليكود قائلا: “سئمنا من بيبي. فليذهب إلى البيت”، خلال إطلاقه لوجهة النظر الأكثر سماعًا في المحادثات المغلقة داخل الحزب ولكن المحيطين به سارعوا لإسكاته. “اسكت، كيف تتحدث؟ فقط من أجل أن يروك في التلفزيون”. لا يحبّ الكثير من الناخبين في الليكود ولا يقدّرون رئيس الحكومة وبعد خمس سنوات ونصف، فإنّ الوضع الاقتصادي للبلاد يُشعرهم بالأسى أكثر من الأشياء الأخرى.
اعتبر جدعون ساعر، 48 عامًا، وزير الداخلية وأحد الشخصيات الواعدة في اليمين الإسرائيلي، اعتُبر في السنوات الماضية بأنّه من المفترض أن يكون خليفة نتنياهو، ولكن هذا الأسبوع بعد حسابات سياسية خاصة به فهم بأنّه لا يمكنه في بيئة نتنياهو أن ينمو للقيادة وهكذا في تصرّف فاجأ العديدين؛ أعلن أمس مساء أنّه استقالته على الفور من وزارة الداخلية ووظيفة عضو الكنيست.
وقد ركّز الإعلان الرسمي على رغبته بأنّ يكون لوقت أطول مع زوجته الجديدة، أبنائه من زواجه الأول وبشكل أساسي مع ديفيد، الطفل الصغير الذي وُلد له ولجئولا إيفن، مذيعة كبيرة في الإذاعة العامة الإسرائيلية.
“أرغب بأن أكون هناك بقربه حين يبدأ بالمشي” هذا ما قاله ساعر في مناسبة حضرها نحو 1000 من مؤيّديه حيث فاجأ الساحة السياسية الإسرائيلية أجمع.
في حين تصدّر الزوجان (وزير الداخلية وشخصيّة قويّة جدًا وهي جئولا إيفن، مذيعة كبيرة جميلة في القناة الرسميّة) أعمدة القيل والقال في السنوات الماضية وكان الجميع يعتقد أنّ كثرة صور مصورو صحافة المشاهير (Paparazzi)للزوجين مخصّصة من أجل تعزيزه من الناحية السياسية، فإنّ ساعر فكّر في اتجاه معاكس.
فاجأ إعلانه، في أوج مؤتمر سياسي، ممتلئ بشكل كامل بالمؤيّدين جميع زملائه في الحزب.
لم يتم إعلام رئيس الحكومة نتنياهو مسبقًا، والذي كانت بينه وبين ساعر علاقات متوتّرة جدّا، رغم المعرفة لسنوات طويلة. تعتبر استقالة ساعر ضربة لنتنياهو في توقيت غير مريح. وسيحلّ مكانه في الكنيست السياسي التالي في قائمة الأحزاب المشتركة بين الليكود وإسرائيل بيتنا وفي الواقع فإنّه سيعزّز ويحصّن موقف وزير الخارجية ليبرمان.
ولكن نتنياهو يمكن أن يكون راضيًّا عن النتيجة الأخيرة. تم الإثبات مجدّدًا بأنّه الزعيم الوحيد وبينما يتحصّن في كرسيّه ويحظى بنسب تأييد مستقرّة في الاستطلاعات السياسية، ليس هناك أي زعيم ينمو مقابله. “بقرب نتنياهو لا ينمو العشب” هذا ما غرّد به المحلّل السياسي للقناة الثانية على حسابه في تويتر أمس.
أجرت زوجته جئولا إيفن مقابلات في جميع وسائل الإعلام وكما يليق بزوج رسمي خرج ساعر وإيفن في صباح اليوم التالي لإحدى الحدائق للتنزّه مع طفلهما.
ربما بقي نتنياهو وحيدًا في القمة، وبعض موظّفيه يتهرّبون منه، ولكن الرجل الذي تولّى لستّ سنوات على التوالي، وهو فعليًّا في الولاية الثالثة له، أعلن أنّه بالفعل في طريقه لولاية رابعة، ويبدو الآن أكثر من أي وقت مضى بأنّه ليس هناك من سيبحث ليزرع بذور العشب بقربه، فضلا عن تنمية شيء جديد.