من داخل القتال القاسي والجريء في حيّ الشجاعية في غزة، يبرز اسم واحد فوق الجميع كنموذج للبطولة والتضحية: العقيد غسان عليان، قائد لواء جولاني. لم يترك عليان – الذي فقد 13 من جنوده في ليلة واحدة – القتالَ للجنود البسطاء فقط، وإنما نزل إلى الميدان ليدير بنفسه المعركة ضدّ كتائب عزّ الدين القسّام.
في نفس الليلة الصعبة أصيب عليان نفسه أيضًا في وجهه وعينيه من شظايا قذيفة RPG التي أُطلقت صوبه، واضطرّ إلى مغادرة الميدان. تم إخلاؤه بمهمّة إنقاذ معقّدة اشتملت على نيران مدفعية ثقيلة من أجل التغطية على رجال الإنقاذ. منذ اللحظة التي قدم فيها عليان إلى المستشفى فهمَ أنّه لا يمكنه إبقاء جنوده وحدهم في الميدان. وذلك على الرغم من أنّ العقيد زيني قد حلّ مكانه حتى عودته.
“اسمحوا لي بالعودة للقتال مع جنودي”، هذا ما طلبه عليان من الأطبّاء الذين عالجوا جروحه، ولكنّهم رفضوا الاستجابة لطلبه حتى يتعافى. بعد ظهر اليوم وافق الأطبّاء وأطلقوا سراح عليان ليعود ويقاتل إلى جانب رجاله. حسب كلامه، لو كان الأمر بإمكانه لملأ حافلة كاملة بالجنود الذين أصيبوا وعولجوا في المستشفى، رغم أنّهم عازمون على العودة للقتال.
لأسرة عليان تاريخ حافل من الخدمة في الجيش الإسرائيلي. قُتل عمّه خلال خدمته العسكرية عام 1957. شقيقاه كذلك يخدمان كضابطين كبيرين في الجيش، أحدهما، باسم عليان، برتبة مقدّم في لواء جفعاتي، والآخر، مجيد عليان، كضابط ركن في القيادة الشمالية.
يعيش عليان في شفاعمرو. خدم في الماضي في سلسلة من المناصب العليا في الجيش الإسرائيلي، بما في ذلك قائد سرية الجوز المتخصّصة في مكافحة الإرهاب، وقائد كتيبة الاستطلاع التابعة للواء جولاني.
كان مسؤولا في منصبه السابق على منطقة جنين في الضفة الغربية. “الناس هنا بالكاد يكسبون لقمة العيش، من لا شيء من المال”، هذا ما قاله عليان عن الفلسطينيين في المنطقة التي كان مسؤولا عنها. قال عليان: “يفهم السكّان أنّ العمليّات الإرهابية ضدّ إسرائيل تضرب أرزاقهم مباشرة. لو كنا نعلم فقط عن شخص فكّر في تنفيذ عملية إرهابية؛ نقوم باعتقاله فورًا”. والآن يعود ليستعيد الهدوء والأمن في ساحة أكثر صعوبة، وهي ساحة غزة.