هذا الأسبوع، التقى مئات الشبان والبالغين، في باحة الاحتفالات “بيت آفي حاي” (BEIT AVI CHAI) في القدس في أمسية تكريما لـ “العصر الذهبي” للموسيقى الشرقية في إسرائيل. أجري الاحتفال في إطار مهرجان “سبعة” الذي احتفى بسبعة احتفالات مختلفة من العقود السبعة المختلفة للثقافة الإسرائيلية.
يتميز العقد الحاليّ، الذي بدأ عام 2010، بتطور الثقافة الشرقية، لا سيما الموسيقى الشرقية التي تصدرت قمة الثقافة الإسرائيلية. أصبحت “الثقافة الشرقية هامة لكل الشعب حاليا”، قال أوفير توبول، ناشط شرقي ومبادر أشرف على الاحتفال، و”تشكل الموسيقى الشرقية مثالا على ذلك. هذه الموسيقى الأكثر شعبية في إسرائيل، وهذه الشعبية ليست جديدة، لكنها لم تؤخذ بعين الاعتبار في الثقافة الأساسية طوال سنوات”.
تضمنت الأمسية المؤثرة، التي ركزت على عودة الإسرائيليين إلى الأصول الشرقية، عرضا لـ “فرقة النور” وهي فرقة موسيقية شرقيّة كلاسيكية، يعزف فيها موسيقارون يهود وعرب، مسيحيون، مسلمون، ودروز. أقام الفرقة أشخاص لديهم رؤيا، أرادوا إنعاش التقاليد الموسيقية الشرقية المشتركة لليهود والعرب في إسرائيل والعالم.
شارك في الفرقة مطربون شرقيون معروفون، وغنوا بالعبرية والعربية، ومنهم المطربة نتالي بيرتس، التي تحظى أغانيها بشعبية كبيرة بين العرب في إسرائيل، والتي تقدم عروضا موسيقية في أحيان قريبة في الأعراس والاحتفالات في القرى العربية. إضافة إلى العروض الموسيقيّة، عزفت الفرقة عندما قرأ شاعران شرقيان مجموعة من أناشيدهم المختارة.
“قبل بضع سنوات، رافقت والدي إلى الكنيس يوم السبت”، قال المقدم أوفير توبول في مستهلّ الاحتفال، وفجأة لاحظت أني أسمع اللغة العربية في الكنيس. لقد شعرت بعلاقة بين هذه الظاهرة وظواهر مختلفة حدثت في إسرائيل في العقد الأخير، مثلا المطرب دودو تاسا، بعد سنوات كثيرة من الإنكار عاد إلى أصوله، إلى أغاني جده، داود الكويتي.” قال توبول إن دودو تاسا ومطربين إسرائيليين آخرين اهتموا بالموسيقى العربية المنسية إلى حد معين وأنعشوها مجددا.
أوضح توبول أنه طوال سنوات سيطرت في إسرائيل ثقافة واحدة اعتُبِرت شرعية، وبالمقابل، هُمّشت الثقافات الأخرى. “بعد سنوات من البوتقة، التي كانت سائدة فيها ثقافة واحدة “صحيحة” في إسرائيل، عدنا إلى الأصول، إلى الأجداد”، قال متحمسا. وفق أقواله، نشأت خصائص إسرائيلية، ثقافة مفتوحة أكثر تمنح مكانا للجميع لا يتضمن مناطق هامشية ومركزية.
وحقا، في السنوات الماضية، أصبح يجري الحديث كثيرا عن الشعبية الهائلة التي حققتها الموسيقى الشرقية في إسرائيل، بعد سنوات طويلة كانت فيها هامشية. في إسرائيل في الألفية الثانية، أصبحت الموسيقى الشرقية “الاتجاه السائد” (Mainstream) والأكثر سماعا في الراديو والتلفزيون الإسرائيليين. تعرضت نصوص مطربين كثيرين عندما بدأوا يشتهرون لانتقادات لاذعة بادعاء أنها “ركيكية” وألحانها شعبية، ولكن لا يمكن تجاهل نجاح المطربين البارز في العروض الكبيرة في البلاد، أمام جمهور هائل من المشجعين الذي يحضر عروضهم ويردد كلمات أناشيدهم عن ظهر قلب.
عومر آدم، إيال غولان، وساريت حداد، وعدن بن زاكين هم جزء من الأسماء اللامعة للمطربين الشرقيين الإسرائيليين في يومنا هذا. رغم أن هذه الحقيقة لم تكن واضحة دائما، ولكن من المؤكد تماما أن الموسيقى الشرقية في يومنا هذا أصبحت جزء لا يتجزأ من الموسيقى التصويرية الإسرائيلية. لقد بات الحوار الشرقي، الذي كان في الماضي حديث المثقفين الأكاديميين ومجموعات سياسية كانت تعتبر متطرفة، معروفا في كل منزل إسرائيلي، واخترقت الثقافة الشرقية “الاتجاه السائد” مباشرة. تُخطف بطاقات عروض عمر آدم بسرعة، يحتل أبطال الثقافة الشرقيون الشاشات وأعمدة الصحف، وعملت فرقة شعر شرقية تدعى “عرس فواتيكا” (Ars poetica) جاهدة فنجحت في جعل الشعر الهامشي مشهد متألق في الثقافة الإسرائيلية.