“”العربي الجديد” مثقف وثقته بنفسه قوية”، “ينخرط أكثر فأكثر في سوق العمل الإسرائيلي خاصة في مجالات التكنولوجيا”، “منغمس في ثقافة الاستهلاك”، “لغته العربية تواجه منافسة قوية مع العبرية”. هذه الجمل التي تتردد في سلسة الحلقات التي تبثها هيئة البث الإسرائيلي هذه الأيام، وتبحث في الوضع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي لعرب 48، تشكل جزءا من الهوية الجديدة لعرب 48.
السلسة المكونة من 4 حلقات وتحمل عنوان “العربي الجديد” -اليوم الخميس ستبث الحلقة الأخيرة- تركز على نمط حياة الجيل الثالث لعرب 48، وتكشف عن التغييرات الكثيرة التي مرّت بهذه الأقلية التي عايشت قبل 70 عاما النكبة. فبفضل التكنولوجيا والاقتصاد القوي لإسرائيل والانخراط في الجامعات والتعليم العالي، نشأ جيل عربي جديد أفكاره وطموحاته ولغته تختلف عن جيل الأجداد، حسب معدّي الحلقات.
والملفت في الحلقات التي بثت حتى الآن، كثرة الشخصيات النسائية المشاركة، والتي تعبر عن شخصية العربي الجديد التي يبحث فيها معدّ الحلقات، الإعلامي عيران زنجر، محرر الشؤون العربية في هيئة البث. ففي الحلقة الأولى تتحدث الطالبة الجامعية، فاطمة حسن، عمرها 24 عاما، تدرس هندسة الكهرباء في معهد التخنيون للعلوم في حيفا، عن الجيل الجديد مقارنة بأهلها وأجدادها فتقول إن ما يميزه هو الوعي والعزيمة للعمل في مجالات جديدة مثل التكنولوجيا.
وفي حين يسلط الإعلامي الإسرائيلي الضوء في كل حلقة على ظاهرة معينة في المجتمع العربي ويعالجها على انفراد، فهم الهوية الجديدة التي يتحدث عنها زينغر يقضي بربط هذه الظواهر والعوامل الواحد بالآخر لكي تتكون الصورة الكاملة لهوية هذه الأٌقلية. فمثلا ثورة التعليم العالي في المجتمع العربي، عنوان الحلقة الأولى، وانتشار التكنولوجيا في أوساط الشباب، تؤثر على مكانة اللغة العربية، عنوان الحلقة الثانية. ومن العوامل المؤثرة في المتجمع العربي الجديد، خروج النساء للتعليم وسوق العمل الذي يغيّر بدوره في مبنى الأسرة العربية النمطية، فالرجل العربي بات يواجه واقعا جديدا يدفعه إلى القيام بالمهام المنزلية التي كانت يوما مقصورة على النساء.
ويقول بروفسور رياض أغبارية خلال الحلقة الأولى عن التحول في المجتمع العربي وصعود نسب الملتحقين بالجامعات الإسرائيلية: “جيل النكبة واجه صدمة كبرى تمثلت بفقدان الأرض والعمل في البناء.. من هذا الواقع المؤلم جاء التشجيع على الالتحاق بالتعليم العالي.. لأنه الأمر الوحيد الذي يمكنه أن يساوي العربي مع اليهودي في هذه البلاد”.
وعن وضع اللغة العربية لدى عرب 48، يشير زنغر خلال جولة في قرى المثلث إلى كثرة اللافتات المكتوبة باللغة العبرية هناك، ويسأل أصحاب المحلات والزبائن عن السبب، ليكون الرد الغالب أن “العبرية هي لغة الدولة ولا بد من اتقانها لنعيش بسهولة وننجح في إسرائيل”. “التعامل مع المؤسسات والخدمات الإسرائيلية يكون باللغة العبرية، ومواد التعليم العالي تكون باللغة العبرية، فلا مفر إلا أن تحتل هذه اللغة حيزا كبيرا في المخزون اللغوي لعرب 48” قال آخرون.
ويعلق الإعلامي العربي تامر أبو نادر، في حلقة “اللغة العربية”، على ضعف اللغة العربية لقاء العبرية، قائلا إنه يخشى مستقبل اللغة العربية، محذرا من أن تخلي الجيل الجديد عن استعمالها وإهمالها على حساب اتقان اللغة العبرية سيؤدي إلى فقدان الهوية والابتعاد عن الجذور.
ومن مظاهر التغيير لدى عرب48، حسب زينغر، تحسين الوضع الاقتصادي والثراء وبالتالي انتشار ثقافة الاستهلاك والبذخ في هذا المجتمع. فمن جهة، زاد الثراء من رغبة الأفراد في دعم الاقتصاد المحلي عن طريق إنشاء مقاهي ومشاريع تجارية ومصانع لمنتجات محلية الصنع، الأمر الذي أثر في أسلوب الحياة للأفراد وكان له مردوده على الأسرة العربية، ومن جهة ثانية زاد من ثقافة ال “شوفوني” والبذخ والعدو وراء الكماليات.
ويقول زنجر في ختام الحلقة “بالنسبة للبعض، التغييرات التي يمر بها المجتمع العربي في إسرائيل سريعة ومتطرفة وباهظة الثمن، وهي تدعو إلى القلق”.