هناك زعيمان، على الأقل، لا يشعران بالقلق إزاء معرفة نتائج الانتخابات في الولايات المتحدة. الأول هو بنيامين نتنياهو والثاني هو محمود عباس. نتنياهو ليس قلقا من أن تصبح كلينتون الرئيسة القادمة، ولا أن يصبح ترامب رئيسا ولا سيما أنه قد صرح بأقوال ترضيه، مثل نقل السفارة الأمريكية إلى القدس. اجتاز نتنياهو فترة ولاية أوباما بسلام، وسيكون قادرا على التعامل مع ولاية كلينتون، بالتأكيد أيضا. فيمكنه أن يعتمد على ترامب ليس فقط بفضل المحبة بينهما، وإنما أيضا بسبب الأموال الضخمة التي ضخّها شيلدون أديلسون إلى جيب عملاق العقارات.
إذا كان بيبي متأكدا، فيمكن أن يكون عباس مرتاحا أيضًا. لن تنشأ أية عملية سلام جديدة في السنوات القادمة. ولن تظهر أية آمال في الأفق الأمريكي.
ولكن هناك عدة أسباب جيدة لدى بعض الزعماء في الشرق الأوسط لأن يكونوا قلقين وهم يتابعون بقلق الدعم الذي يحظى به كل من المرشّحين. الأول هو الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي يحتاج جدا إلى ظهير أمريكي من أجل إنقاذه من الأزمة الاقتصادية التي تواجهها مصر. وكان أوباما، الذي تلكأ كثيرا قبل أن يمنح السيسي تأييده بعد أن وصل إلى سدة الحكم في تموز 2013، بدل مواقفه وأصبح داعما رئيسيا له بصفته رئيس مصر، تحديدا بسبب الصراع الذي يتزعمه ضدّ الإرهاب في بلاده.
ولكن ليس فقط من أجل ذلك. فالعلاقات بين السيسي وروسيا أصبحت وطيدة أكثر في السنة الماضية، في حين يتابع البيت الأبيض بتشكك هذا التقارب، الذي أثمر من بين أمور أخرى اتفاقا لبناء مفاعل نووي لتوليد الكهرباء. إذا اتضح أن التأييد الذي يبديه ترامب لبوتين صحيح، فإذا تم انتخاب ترامب رئيسا قد يجد السيسي داعما جديدا، وهذه المرة ليس كجزء من حرب النفوذ بين الشرق والغرب وإنما بصفته صديقا مشتركا لبوتين وترامب. وفق التقديرات في مصر، لن تدع كلينتون مصر تنهار، ولكنها قد تتعامل معها كدولة هامشية ذات أهمية استراتيجية آخذة بالتضاؤل. فضلا عن ذلك، ستحاول كلينتون تعزيز الحوار السياسي مع إيران، وهو جهد قد يغيّر من توازن القوى في الشرق الأوسط. وقد أخذ السيسي بالحسبان هذا الخيار، ولذلك أيّد مؤخرا الموقف الروسي الإيراني في التعامل مع سوريا، عندما صوّتت مصر في الأسبوع الماضي لصالح اقتراح قرار روسي في الأمم المتحدة وضدّ الاقتراح الفرنسي. فقد أثار التصويت غضبا كبيرا في البلاط الملكي السعودي.
تعاني السعودية في العامين الأخيرين من عدة ضربات سياسية شديدة، وأخطرها، الاتفاق النووي الإيراني، ويليها سياسة أوباما في سوريا، التي أدت إلى نقل مركز السيطرة على البلاد إلى موسكو، إلى إيران وإلى الأسد. في المقابل، فالسعودية عالقة في الحرب باليمن، والتي اعتقدت أنّها قادرة بسهولة نسبيًّا على إخضاع قوات المتمردين ولكن وجدت نفسها عالقة في الحرب ضدّ قوات تحظى بدعم إيرانيّ. هناك غضب عارم في السعودية تجاه الرئيس أوباما، ويعتبر الإعلام السعودي كلينتون، وعلى الأقل، بدرجة كبيرة من الحق، خليفته في مجال السياسة الخارجية.
نظريا، إذا أصبحت كلينتون رئيسة فسيكون هذا خبرا قاتما بالنسبة للسعودية. ولكن السعودية دولة تستثمر على الأمد البعيد، وإذا صحت التقارير من ويكيليكس، فهي كانت من المساهمين الكبار في صندوق كلينتون في الوقت الذي كانت فيه هيلاري وزيرة خارجية. قامت السعودية أيضًا بصفقة التسليح العسكرية الضخمة بقيمة 80 مليار دولار في فترة أوباما، حيث يتضح أن ليس المال ولا السياسات هي التي سترسم خطوط العلاقات بين كل من واشنطن، كلينتون، والسعودية.
في المقابل، استغل ترامب العلاقات الجيدة بين السعودية ومؤيدي كلينتون وعرضها كوصمة عار تلزم كلينتون بإعادة تلك الأموال. ولكن في كانون الثاني 2016 غرّد الأمير السعودي الوليد بن طلال في حسابه على تويتر بتذكرة مؤلمة لترامب، بكونه أنقذه من الانهيار. تطرق الأمير بالتأكيد إلى شراء يخت ترامب وفندق ترامب بلازا، ممّا خفّف من وطأة ديونه.
رغم ذلك فهذه حسابات صغيرة مقارنة مع الحسابات الاستراتيجية التي تزعج السعوديين، الذين كانت تربطهم دائما علاقات ممتازة مع الرؤساء الجمهوريين، وخصوصا مع عائلة بوش. ولكن هذه المرة فإنّ الحديث يدور عن ترامب وليس عن الحزب، وقد لا تكون علاقات الماضي بين السعودية والجمهوريين كافية.
تتعلق المعضلات الفورية في المنطقة بكيفية إدارة الحرب ضد داعش في العراق وسوريا ومستقبل الحل السياسي في سوريا. يمكن للرئيس أوباما فقط أن يأمل بأن تنتهي معركة تحرير الموصل مع انتهاء ولايته، وفي المقابل، أنّ تنجح قوات التحالف والثوار في طرد داعش من الرقة في سوريا. وتأمل كلينتون وترامب بذلك أيضا، وسيسرهما التخلص من هذه التركة الصعبة. ولكن يدور الحديث عن فترة قصيرة من ثلاثة أشهر، ربما يمكن خلالها تحقيق إنجازات عسكرية في الموصل والرقة، ولكن الأزمة في سوريا تتطلب فعلا رئيسا أمريكيا جديدا قد يجد نفسه يفتقر إلى أدوات سياسية بعد أن صادرتها روسيا.
ظهرت هذه المقالة لأول مرة باللغة العبرية على موقع صحيفة “هآرتس“