قبل يومين من الانتخابات في إسرائيل، من الصعب أن نعثر في الانتخابات على موضوع لا يتعلق بالانتخابات بعلاقة مباشرة أو غير مباشرة. ولكن الأمر مختلف قليلا في العالم العربي؛ كذلك في مواقع الأخبار العربية داخل إسرائيل من الصعب العثور على عنوان رئيسي متعلق بالانتخابات المقبلة، والتي من المرتقب أن تؤثر على مصير المواطنين العرب في إسرائيل.
في المواقع القومية العربية هناك اهتمام أكبر بقليل؛ فقد خصّص موقع العربية مقالا واسعا لتغطية المعركة الانتخابية، ونشرت الشرق الأوسط عمود رأي متعلق بالانتخابات، بل ودعا الكاتب إلياس خوري في “القدس العربي” عرب 48 إلى التصويت، ومدح القائمة العربية الموحدة، لكونها تضع جانبا جميع الخلافات وتجمع القوى لتحسين أوضاع المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل.
بشكل مفاجئ، فليست هناك في المعركة الانتخابية الحالية تقريبا أصوات تدعو لمقاطعة الانتخابات، كما كان في السنوات الماضية. صحيح أنّ التيار الذي يدعو للمقاطعة ما زال موجودا، ولكن هذه المرة كان صوته أضعف من السابق، وقد اختفى بين مجموع الأصوات التي تدعو عرب إسرائيل للذهاب من أجل التصويت، وللتأثير على مستقبلهم، وتعزيز القائمة العربية التي نجحت أخيرا في توحيد القوى، ساعية لزعزعة التوازن السياسي القائم اليوم في الكنيست الإسرائيلي، ولمساعدة اليسار في إسقاط نتنياهو، وإذا كان بالإمكان، المساهمة أيضًا في إضعاف أفيغدور ليبرمان، الذي ارتفعت بسببه نسبة الحسم، ممّا أدى إلى توحيد العرب، وهي تضعه اليوم في دائرة الخطر الحقيقي من فقدان مكانه في الكنيست.
في مقابلة قدّمها عضو الكنيست السابق، عزمي بشارة، للموقع الشهير “عرب 48″، أعرب عن تفاؤله بخصوص تغيير نتنياهو، ولكنه اعترف أيضًا بحقيقة أنّه حتى لو حدث هذا الأمر، لن يكون ذلك مهمّا جدّا بالنسبة للفلسطينيين، حيث إنّ الإسرائيليين يصوّتون بسبب الاشمئزاز من نتنياهو، وليس انطلاقا من تغيير عميق في الشارع الإسرائيلي، وبحسب رأيه أيضًا حتى لو تم انتخاب هرتسوغ، رغم أنه يرغب في التوصل إلى اتفاق سلام مع الفلسطينيين، فلن ينجح في القيام بذلك لأنّه لن يحصل على ما يكفي من التأييد.
بالنسبة للفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة فالأوضاع مختلفة قليلا. ليست هناك تقريبًا دعوات علنية للتصويت للانتخابات، ولكن مجدّدا من الصعب العثور على أصوات تعارضها. يعرب الكثيرون عن آرائهم ويهتمّون باستطلاعات الرأي والمرشحين، ويتلقون المعلومات غالبا من القنوات التلفزيونية الكبيرة مثل الجزيرة.
بين الضفة وغزة، تنقسم الآراء. إذا نظرنا إلى حماس في غزة، يبدو أنّهم وبشكل سخيف يرغبون في استمرار حكومة نتنياهو، لعدّة أسباب. بدايةً، كل تغيير للحكومة من شأنه أن يستأنف محادثات سلام إسرائيلية – فلسطينية من جديد، فقد يعزّز عباس ويقوّض مكانة حماس. ثانيا، مؤخرا فقط اعترفت حماس بأنّها تلقّت عرضا ملموسا لتهدئة مدتها خمس سنوات، والتي ستؤدي إلى إعادة إعمار غزة، وتضمن، بشكل غير مباشر، استمرار سيطرتها على القطاع مع الموافقة الضمنية من قبل إسرائيل.
أما الوضع في الضفة فهو أكثر تعقيدا؛ فإنّ المؤيدين الواضحين للخطوات أحادية الجانب يتمنّون أيضًا استمرار حكومة نتنياهو، والتي تضرّ فقط بالمكانة الدولية لإسرائيل وتساعد على جهود الفلسطينيين الرامية إلى الاعتراف الدولي، مع إعطاء الشرعية لعباس في الاستمرار والعمل من جانب واحد. في المقابل، ففي محيط عباس وفي الأوساط الأكثر اعتدالا في حركة فتح هناك أمل بفتح صفحة جديدة من المفاوضات مع هرتسوغ وتسيبي ليفني الراغبيْن بالسلام واللذين يصرّحان علنًا بأنّهما سيستأنفان المفاوضات مع الفلسطينيين في أقرب وقت ممكن، مع الاستعداد الحقيقي في السعي إلى تسوية نهائية.
ثمّة صوت مفاجئ قد يُفسّر بأنّه دعم لنتنياهو جاء في نهاية الأسبوع تحديدا من جهة مفاجئة، وذلك عندما قال الرئيس المصري عبد الفتّاح السيسي علنًا بأنّ “العلاقات المصرية – الإسرائيلية تتسم بالثقة والاحترام”، وإنه يتحدث مع رئيس الحكومة الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، كثيرا.