هناك معضلة حقيقية يواجهها اليمين في إسرائيل في هذه الأيام، وهي إلى أي درجة يمكن “شد الحبل” فيما يتعلق بمعارضة رئيس الوزراء اليميني، بنيامين نتنياهو، وإلى أي درجة يمكن الضغط عليه فيما يتعلق بالموضوع الفلسطيني، وكذلك ما هو التوقيت الأفضل للقيام بمثل هذه الخطوة.
هنالك من بين الوزراء وأعضاء الكنيست البارزين في اليمين الذين يعارضون حل الدولتين: وزير المواصلات يسرائيل كاتس، نائب وزير الدفاع داني دانون، نائبة الوزير تسيبي حوتوبلي، نائب الوزير أوفير أكونيس، أعضاء الكنيست ياريف لفين، موشيه فايجلين وميري ريغيف ـ هم معارضون بصخب، لحل الدولتين وسيعملون كل ما بوسعهم من أجل منع نتنياهو من القيام بأي خطوة. يعارضون أي اتفاق انتقالي أو اتفاق دائم، ولكن المشكلة التي تواجههم أنهم مختلفون فيما بينهم ومنقسمون داخليا، وكل واحد من أعضاء هذا الفريق يقترح حلا مختلفا عن الآخر، ولا يمتلك أي أجندة حزبية واضحة.
عضو الكنيست أوفير أكونيس، البالغ أربعين عاما، والذي يشغل اليوم منصب نائب وزير في مكتب رئيس الحكومة ويعتبر مسؤولا عن العلاقة بين الحكومة والكنيست، وهو أيضا الشخص الذي يصعد على المنبر كل يوم اثنين في الكنيست ويرد على ادعاءات المعارضة حول مختلف المواضيع والمسائل المطروحة. وكان يعتبر في الماضي من أبرز الشخصيات المقرّبة من نتنياهو (عندما كان متحدثا باسمه) لكنه يعتبر اليوم من متزعمي التيارات المعارضة لنتنياهو داخل حزب الليكود.
وفي مقابلة أجريتها معه هذا الأسبوع، قال أكونيس أن هناك ضرورة لإبداء الكثير من الشجاعة وإطلاع الشعب في إسرائيل على حقيقة ما يدور بالنسبة للموضوع الفلسطيني، وما هي الحقيقة التي يتحدث عنها أكونيس؟
الحقيقة كما يراها نائب الوزير، هو أنه ليس هناك أي سيناريو يمكن أن يؤدي إلى التوصل إلى اتفاق دائم وبالطبع ليس اتفاق قائم على مبدأ حل الدولتين، والعودة إلى حدود 67 من دون أن تكون هناك انسحابات إسرائيلية واقتلاع بلدات. وأكد أكونيس أن مثل هذا الحل لن يكون ممكنا تمريره داخل الليكود ولا بين أوساط أنصار الحزب، سواء كان ذلك بواسطة استفتاء بين أعضاء الحزب كما جرى في عام 2005 عندما تم عرض موضوع فك الارتباط على الاستفتاء، أو في أي إطار آخر داخل حزب الليكود. كما أنه ليست هناك أغلبية داخل حزب الليكود لمثل هذه الحلول. وأن مثل هذه الأفكار لم تعد صالحة، سواء بسبب طبيعة تركيبة الحزب أو لأسباب تتعلق بالمبادئ التي يؤمن بها أعضاء الليكود.
ولكن في حال كان الوضع السياسي والحزبي الداخلي معقدا لهذه الدرجة بالنسبة لرئيس الوزراء، وفي ظل الضغوط التي يمارسها وزير الخارجية الأمريكي، ماذا سيكون الهدف؟
“يزور كيري المنطقة للتباحث حول موضوع المفاوضات حقا. وفي زيارته الأخيرة إلى إسرائيل أجرى محادثات مع رئيس الحكومة وتوقف في إسرائيل لأنه كان موجودا في جولة في المنطقة. على أية حال، الإدارة الأمريكية لديها أجندتها، ولكن لا يمكن لإسرائيل أن تنسحب حتى حدود 1967. ففي حال وافقت إسرائيل على العودة إلى حدود 1967 فهذا يعني أنها ستتنازل عن منطقة اللطرون، وأجزاء من الغور؟ وسنحتاج إلى تفكيك كيبوتس “كاليا” و “نعمة”؟ وستصبح مناطق مثل معاليه أدوميم وهار حوما وراموت في مركز النقاش حول الأماكن والمناطق التي سيحصل عليها الفلسطينيون؟”.
ولكنك تعرف جيدا أن اللطرون ليست جزءا من الحل المقترح. فالحديث يدور عن الكتل الاستيطانية الضخمة. وأنت تحاول استخدام اللطرون من أجل إثارة العواطف والهروب نحو الهوامش، ما هو الحل الذي تقترحه؟
“لا أوافق على قيام دولة فلسطينية. أنا مستعد للحديث عن اتفاق طويل الأمد يمنح الفلسطينيين حكما ذاتيا ويمنح الفلسطينيين قدرة على إدارة شؤونهم، وأنا أدعم التعاون الاقتصادي، والسماح للفلسطينيين بالعمل، أيضا داخل إسرائيل”.
هل توافق على منح الفلسطينيين الحقوق التي يتمتع بها المواطن؟
” لا سمح الله. هذا يعني إلغاء الدولة اليهودية وأنا لا أعرف السبب الذي يدفع عضوة الكنيست تسيبي حوتوبلي، للتفكير في مثل هذا النوع من الأفكار. الفلسطينيون يتمتعون بحق التصويت للبرلمان الفلسطيني ولا يوجد أي مبرر للسماح لهم بالتصويت للكنيست. وفي حال السماح للفلسطينيين بالتصويت فإن هذا يعني أن يحصل الفلسطينيون على حوالي 18 مقعدا في الكنيست. بنفس حجم كتلة “هناك مستقبل” في الكنيست”.
وماذا بالنسبة لخدمات التأمين الوطني؟
“لا، أنا أرفض منحهم مثل هذه الحقوق رفضا قاطعا. لديهم حقوق انتخاب وتمثيل. نحن لا نتحدث عن أشخاص لا يمتلكون حق الاختيار والاقتراع”.
وماذا بالنسبة لجوازت السفر؟
“إذا كان جواز السفر، يعتبر رمزا من رموز الدولة، فأنا أرفض ذلك. لن يكون هناك دولة فلسطينية وإنما إدارة ذاتية مع حقوق حركة وعمل، لكل من يتلاءم مع المقاييس الأمنية على أن يمتلك الوثائق المطلوبة”.
ماذا بالنسبة للمطار؟
“بالطبع لا. هذا يعني منحهم سيطرة على المجال الجوي، وهذه المحاولة فشلت في مطار “الدهنية”، جنوب قطاع غزة. أرادوا أيضا ميناء بحري وأنظري أين نحن اليوم. حماس تسيطر على القطاع، المطار في غزة لا يعمل منذ أن تم افتتاحه عام 1998 ولم يعمل إلا لفترة قصيرة حتى عام 1999. وهذا يعني أنه لن يكون هناك مجال جوي لمناطق الحكم الذاتي الفلسطيني، كما أن المعابر ستكون تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة”.
هل هذا حل انتقالي أم حل دائم؟
“هذا حل انتقالي طويل الأمد، يجب أن يستمر لـ 15 عاما على الأقل، وذلك حتى نتعمق وننتظر لنرى ما سيحدث من حولنا في باقي مناطق الشرق الأوسط”.
وماذا بالنسبة لأعمال البناء في الضفة الغربية خلال تلك الفترة؟
“لن أوافق على منح الفلسطينيين المزيد من الأراضي. ولكننا لا نستطيع أن نقرر من يبني وأين يبني، وأنا أرى أنهم يبنون مدنا كاملة بالقرب من رام الله، ولا تواجههم أي مشكلة في البناء”.
هل تقترح أن يتم منحهم إدارة ذاتية مستقلة على نقاط ومساحات جغرافية صغيرة على الخارطة، وأنت لا يهمك موضوع السيطرة الإسرائيلية عليهم من الناحية العسكرية.
“من يعتقد أنه ستكون هناك عملية تجميد للبناء الإسرائيلي، فهو مخطئ. وعملية التجميد السابقة فشلت فشلا ذريعا. هناك من اعتقد في إدارة الرئيس أوباما السابقة، عندما كانت هيلاري كلينتون وزيرة للخارجية، أن عملية تجميد البناء في المستوطنات هي التي ستسمح للفلسطينيين بالعودة إلى طاولة المفاوضات، ولكن هذا لم يحدث. والاستيطان اليهودي هو حق تاريخي للشعب اليهودي. ومن يرغب في بناء بيت في أريئيل يجب أن يكون صاحب حق في القيام بذلك.
الجملة التي قلتها، حول أن هناك حق تاريخي للشعب اليهودي، تعني أن الشعب الفلسطيني هو شعب تم اختراعه، وهو شعب غير موجود؟
“يمكننا الحديث عن عضو الكنيست جمال زحالقة وحنين زعبي، والأقوال التي تصدر عنهما وصراخهما داخل قاعة الكنيست وأنا دائما أرد عليهما من على منبر الكنيست. هم يكررون أقوالهم دائما حول أنهم كانوا موجودين قبلنا، جميع البلدات اليهودية تمت إقامتها على أنقاض البلدات السكانية العربية. أنا على استعداد للدخول في نقاش تاريخي حول هذه المسألة مع أي شخص”.
إذن أنت تتمسك بأنه لا وجود لشعب فلسطيني؟
“هناك عرب أرض إسرائيل. وهذه هو المصطلح الذي أفضله أكثر من “شعب فلسطيني”. هناك عرب حصلوا عام 1948 على حق التصويت وهناك من رفض الحصول على مثل هذا الحق عام 1967 ولن يحصل عليه إلى الأبد. بالإضافة إلى ذلك فإن النقاش حول شعب فلسطيني هو نقاش تاريخي”.
وماذا بالنسبة للوضع الداخلي في الليكود. هل أنتم مقبِلون على أزمة داخل الحزب، كما توقعنا ذلك عام 2005، والانقسام والانفصال الذي قام به أريئيل شارون على خلفية فك الارتباط عن غزة؟
“بالنسبة للأوضاع الداخلية في الليكود ، فإنه من الأفضل عدم التطرق إلى ذلك في هذه المرحلة”.