من بين 7 أيام في الأسبوع، يتم تكريس 4 ليال من البث في القناة 2، القناة التجارية الأكبر والأوسع انتشارًا في إسرائيل، لبرامج الواقع الخاصة بالطبخ. نتحدث عن برنامجين رائدين صاحبي امتياز في القناة، وكل برنامج منهما يبث مرتين في الأسبوع. بالإضافة إلى هذين البرنامجين، هناك برنامج واقع خاص بالطبخ يبث عبر القمر الاصطناعي، وبرنامج بصيغة تختلف قليلا يُبث على القناة الحكومية.
لا يمكن تجاهل هذا. سيّطرت برامج الواقع الخاصة بالطبخ منذ زمن على ساعة المشاهدة القصوى. الأسماء – “ماستر شيف”، “مسحكي هشيف” و “رويال شيف” لا تشير إلى الكثير من الإبداع، وأيضًا الفكرة شبيهة: مسابقة فيها كل واحد من المشاركين يطبخ، في وقت محدد، طبقًا يجب أن يستوفي شروط المهام المتغيّرة، أن يكون طيب المذاق، وجميل بالطبع، لأنه على أي حال، المشاهدون يرون فقط الطبق، ولا يتذوّقونه. يتذوق أشهر الطهاة في إسرائيل الأطباق التي تُحضّر، يحددون العلامات، ويقررون من سيكمّل ومن سيغادر البرنامج.
نتحدث بشكل عام عن آلاف المتنافسين الذين يمرون بالعديد من التصنيفات وتجارب الأداء، يحظى قلائل منهم فقط بالظهور التلفزيوني، وبالطبع أي شيء جانبي ممكن و”قصص إنسانية مؤثرة” تحظى بوقت أطول على الشاشة. هذا مثلاً كان حال، متنافسة ضريرة في “ماستر شيف” والتي فقدت حاسة النظر في عملية إرهابية، ورغم كل شيء استمرت بالطبخ، حظيت بظهور كبير، رغم أن الطعام الذي حضّرته لم يكن أكثر من متوسط، وبالنهاية لم تنجح بالدخول إلى المنافسة.
كثرة البرامج، والاستخدام “الرخيص” للقصص المؤثرة، يثير الكثير من السخرية. اعتبارات الإنتاج التي كانت سابقًا “خلف الكواليس”، تحظى بالكشف والانتقاد (كيف يعقل أنه في كل برنامج هناك “بالصدفة” ممثل عن كل وسط؟ امرأة عربية، رجل متديّن، على الأقل امرأة شقراء واحدة، عجوز بهيّة الطلعة، وإن أمكن أيضًا امرأة أثيوبية وأخرى هندية – كما في الموسم الحالي، على أحسن حال).
لكن، رغم كل هذا النقد وردود الفعل الساخرة، تحقق هذه البرامج النجاح على المستوى التجاري. تشير المعطيات إلى نسبة مشاهدة مرتفعة، والإسرائيليون لا يهتمون أن يقيدوا وقتهم أمام إسرائيليين مثلهم يطبخون، ويثيرون شهيتهم، بدلا من تفكيرهم.
في برنامج آخر (مسحكي هشيف) تتنافس الفرق مع بعضها البعض، وكل فرقة يقودها واحد من أشهر الطهاة الإسرائيليين، وفقط بعد ذلك يبدأ أعضاء الفريق الذين لم يفوزوا بالمهمة الأولى، بالتنافس فيما بينهم، ومن يحضر الطبق الأسوأ، يغادر البرنامج.
برنامج واحد فقط من هذه البرامج، مهمل نسبيًا، والذي يتم بثه على القناة الحكومية غير المحبوبة، والذي يقدم نوعًا آخر من برامج الواقع. البرنامج عنوانه “تعالوا لتأكلوا معي” (من هناك فقط يمكن أن نرى فارقًا بينه وبين باقي البرامج)، ونتحدث عن برنامج واقع ذي ميزانيات فقيرة، دون مقدم برنامج، ولا حضور لطهاة معروفين ومشهورين. هناك فقط خمسة أشخاص، في كل ليلة يدعو شخص واحد البقية لتناول الطعام في بيته. بعد الوجبة، يضع كل متسابق العلامة المناسبة الخاصة بالوجبة، ويوم الخميس يتم الكشف عن الفائز، الذي يفوز برحلة تتعلق بعالم الطبخ إلى إيطاليا (جائزة متواضعة، مقارنة بالجوائز التي قيمتها آلاف الدولارات في البرامج الأخرى).
ولكن، وإن كان البرنامج مختلفًا، لا نزال نتحدث عن برنامج واقع خاص بالطبخ. يبدو أن الإسرائيليين يحبون مشاهدة الطعام، وكثيرًا. أو ربما هذه هي برامج الواقع التي يحبونها؟ فقبل بضعة أشهر كانت برامج المسابقات الغنائية، الثلاثة، حيث تبارى الجميع، وحظيت ثانية بنسبة مشاهدة عالية. يبدو أن الإسرائيليين يحبون أن يعودوا إلى البيت بعد يوم عمل طويل، وأن “يطفئوا” عقولهم، وألا يجتهدوا، وألا يفكروا، وترك الشاشة تطعمهم، بما في الكلمة من معنى، بكل ما أمكن. وبالطبع خلال ذلك هناك عشرات الإعلانات والمؤسسات التي تستغل الوضع ويبيعوننا السلع، وذلك مع إيهامنا بالمتعة.