خلافا للتوجه الصاخب، واللاذع أحيانا الذي يُهاجم فيه رئيس الحكومة الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الاتفاق النووي بين الدول العظمى وإيران ولا سيما الإدارة الأمريكية، يُفضل السعوديون حتى الآن إرسال رسائل تحفظية من جانبهم أو رسائل من وراء الكواليس بواسطة تحذيرات دبلوماسية (مثل غياب الملك سلمان عن مؤتمر القمة لزعماء دول الخليج مع الرئيس أوباما في كامب ديفيد، مؤخرا). ولكن يبدو أنه عندما أصبح الاتفاق حقيقة دامغة، يسمح السعوديون لأنفسهم بطرح ادعاءاتهم علنا.
تعرض صحيفة “الشرق الأوسط” في عددها اليوم مقالا عن صحيفة “الواشنطن بوست” وفيه يُهاجم عدد من الخبراء الاتفاق، وحتى أنها تنشر مقال رأي للصحفي المصري، عادل درويش، يشجب فيه الاتفاق والذي لا يتضمن سلاما ولا استقرارا وفقا لأقواله: “«الزفة» التي يقودها الرئيس الأميركي لترويج الاتفاق الأخير بين القوى الكبرى (الخمس الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن مع ألمانيا) وإيران، ينظر إليها أهل المنطقة بمنظور اختبروا فيه بأنفسهم أطماع إيران في استراتيجية طويلة الأمد للهيمنة على الخليج وتصدير الثورة والمتاعب.
وأضاف درويش قائلا: “وواقعيًا مخاوف الإسرائيليين حقيقية؛ فبجانب تكرار التهديد بمحو إسرائيل، فإن أي انفجار نووي لا يهلك فقط الفلسطينيين والإسرائيليين معًا، بل يتساقط غباره المميت على الجيران العرب، ورغم ذلك، فإن الدول المهددة مباشرة من طهران لم تشترك في المفاوضات التي اقتصرت على دول لا تهددها إيران واقعيًا”.
“لم تدخل الجمهورية الإسلامية المفاوضات لغرض السلام، بل للخروج من مأزق اقتصادي دخلت فيه نتيجة العقوبات التي فرضت عليها بسبب إخفاء منشآت وتكنولوجيا البرنامج النووي عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية”.
السؤال الدائر لسنوات: إذا كان الغرض من تخصيب اليورانيوم سلميًا فقط، فلماذا السرية الكاملة وإخفاء إيران مراكز تخصيب اليورانيوم تحت جبال محصنة؟
فبجانب المراوغة في تفاصيل التفتيش ونوعه، كانت إيران تخفي معامل كاملة ومواقع كثيرة عن الوكالة الدولية وتستمر في التفاوض.
كان المتوقع والطبيعي في هذه الحالة أن يكون رد واشنطن (بوصفها القوة العظمى الكبرى التي تقود التحالف العالمي ويصدعنا رؤساؤها صباحًا ومساءً بسمو ورفعة القيم التي ضمنها الدستور الأميركي في الحرية والمساواة والديمقراطية وحقوق الإنسان؛ أي عكس الواقع اليومي الذي يختبره المواطن الإيراني) على المراوغة الإيرانية ورفضها التعاون مع إحدى أهم وكالات الأمم المتحدة التي تعمل للسلام العالمي، هو إبقاء العقوبات الاقتصادية والمالية والحظر على تصدير الأسلحة، كما هي
وأضاف: تناسى أوباما (زعيم «الشيطان الأكبر» في القاموس الإيراني) أن مؤسس الجمهورية الخميني (الذي لم يدع مرة واحدة إلى التسامح أو السلام أو المحبة) وضع شعائر صلاة الجمعة الرسمية بالصرخة الثلاثية: «الموت لأميركا الشيطان الأكبر».
وإلى جانب القلق من أن الإسرائيليين قد تدفعهم مخاوفهم الحقيقية وفقدان الثقة الآن بالسياسة الخارجية الأميركية، إلى عمل متسرع لا تحمد عقباه؛ فإن الجانب العربي من الخليج، وهو المستهدف من الاستراتيجية الإيرانية، من حقه أيضا اتخاذ إجراءات لمواجهة هذه الخطر بالتوازن التسليحي.
كذلك، تم اقتباس الملك بندر بن سلطان، رئيس الاستخبارات السعودية، سابقا، وهو يُقارن بين الاتفاق النووي الإيراني وبين الاتفاق الفاشل مع كوريا الشمالية والذي تم التوقيع عليه عام 1994 وانهار عام 2003، وكتب أن تداعيات الاتفاق مع إيران ستكون أسوأ.