“كل شيء، الآن، مفتوح للنقاش من جديد، وكل علامات الاستفهام ستعود من جديد لمواضعها السابقة”، هكذا افتتح مقال صحيفة “معاريف” الإسرائيلية بعد يومٍ من مقتل الرئيس المصري، أنور السادات، وهو الرئيس العربي الأول الّذي وقّع اتفاقية سلام مع إسرائيل. وقد اجتاحت الجمهور الإسرائيلي مشاعر الخوف والتوجس بعد وصول نبأ مقتل السادات.
امتزجت مشاعر الذهول والخيبة بعضها مع بعض: “زعيم عربي- كما تبين- لن يستطيع صنع السلام مع إسرائيل دون أن يضع نفسه على المحك. ويمكن للموت أن ينصب له كمينه حتى يخطفه في المكان والزمان الأكثر حساسية”. هكذا كُتب في المقال.
وأكثر من ذلك، فقد شعر الإسرائيليون أنه مع موت السادات، فقد ماتت، كذلك، اتفاقية السلام الأولى التي وقّعت مع دولة عربية. وقد ظهر في كاريكاتير رُسم في صحيفة ” دافار” التي أظهرت مشهدا كئيبا: ظهر السادات في الرسم وكأنه “حمامة السلام”، ملقى على الأرض حين دخل السهم إلى قلبه. في حين أن “اتفاقية السلام” ظهرت في الكاريكاتير على أنها “عصفور صغير” مفقود، وبقي يتيما.
وكذلك، فإن عناوين نشرات الأخبار قد زرعت الذعر في قلوب القراء: “الشروع بتصفية الجيش المصري”، “الشاذلي يأمر الجيش المصري بالثورة”، “إعلان حالة التأهب القصوى في الأسطول السادس”، “في دمشق، طرابلس وبيروت رقص الناس من الفرحة”، “ريجان: فقدت صديقا عزيزا”، وغيرها. وخلال وقت قصير، اتضح أن مبارك قوي بما فيه الكفاية ليحافظ على اتفاقية السلام بين الدولتين، وتشير التقديرات الحالية إلى أن مسلك السلام الّذي وقّع على يد السادات لن يُغلق.
وهذا ما كُتب في “معاريف”: “كان السادات رجلا قويا جدا، يملك القدرة على قيادة دولته إلى ما لم يكن في الحسبان الوصول إليه. لكن ماذا بالنسبة لخليفته؟ هل هو مهتم بالسلام كما كان السادات من قبله؟ هل سيسير على هذا النهج الصعب والخطير، أو سيستغل الفرصة الأولى للرجوعِ إلى الوراء 33 سنة”؟
وبالفعل، فقد صمدت اتفاقية السلام في الثلاثين سنة التي حكم فيها مبارك أمام كل الاختبارات التاريخية التي وقفت عقبة في طريقه. في سنة 1995، قد تبين أن إسرائيل، كذلك، ليست محصنة من تنفيذ عمليات قتل سياسية من قِبل أعداء مسيرة السلام، وهذا يظهر عندما دفع رئيس الوزراء الإسرائيلي، إسحاق رابين حياته إلى الموت بسبب المعارضة السياسية للسلام. لكن بالرغم من أعدائه الكثر والظروف غير المثالية، بقيت اتفاقية السلام بين إسرائيل ومصر سارية حتى اليوم.