تشير معطيات جديدة للبنك العالمي والجامعة العربية إلى نسبة هجرة مرتفعة جدًا في الشرق الأسط ومن الشرق الأوسط إلى دول متطورة. تخشى الدول العربية من ذلك الأمر وتحاول اتخاذ إجراءات من شأنها تقليص نسبة هجرة الأدمغة.
تُعتبر منطقة الشرق الأوسط منطقة انطلاق وقدوم الكثير من المهاجرين في العالم. تصل نسبة المهاجرين الذين يتركون المنطقة إلى 50%. هذه أكبر نسبة مهاجرين في العالم، وفق معطيات البنك العالمي. أشار تقرير قسم الهجرة في الجامعة العربية إلى أن هناك ثلاثة أنواع من الهجرة في المنطقة:
• هجرة جنوبية شمالية: الهجرة من الدول النامية إلى الدول المتقدمة. يظهر ذلك الأمر جليًّا في منطقة شمال أفريقيا، حيث يهاجر الكثيرون منها باتجاه أوروبا.
• هجرة جنوبية – جنوبية: هجرة بين الدول النامية. المثال الأبرز على ذلك هو الهجرة باتجاه دول الخليج العربي.
• الدمج بين أول نوعي هجرة.
هناك في العالم العربي حتى عام 2013 – 30 مليون مهاجر. هناك ازدياد مضطرد في هذا العدد، وتحديدًا بسبب التدفق الدائم للمهاجرين إلى دول الخليج العربي. تستضيف المملكة العربية السعودية أكبر عدد من المهاجرين – أكثر من تسعة ملايين شخص. وبعدها – الإمارات العربية المتحدة بقدر 7.8 مليون مهاجر، الأردن بقدر 3 ملايين مهاجر والكويت وقطر بأكثر من مليون ونصف المليون مهاجر. ترتكز أكبر نسبة من المهاجرين في منطقة الخليج العربي – 74% من مجموع المهاجرين في العالم العربي.
وفقًا لموقع “العرب”، هنالك ما يقارب 20 مليون مهاجر من الشرق الأوسط يعيشون حول العالم، أي أن 5% من مجموع سكان العالم العربي قد هاجروا من الشرق الأوسط. مصر والمغرب هما الدولتان اللتان يهاجر منهما أكبر عدد من المواطنين إلى دول أُخرى حول العالم. وتليهما الأراضي الفلسطينية المحتلة، العراق، الجزائر، اليمن، سوريا، الأردن ولبنان.
ينتقل ما يقارب 40% من مهاجري الشرق الأوسط إلى دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) التي هي دول متقدمة. يهاجر 23% من المهاجرين إلى دول متقدمة أُخرى و 31.5% يهاجرون إلى دول داخل الشرق الأوسط. 1% فقط من المهاجرين ينتقلون إلى دول نامية أُخرى في العالم.
يُستَدل من معطيات الجامعة العربية أن عدد المهاجرين إلى الدول العربية أكبر من عدد المهاجرين من دول عربية إلى الخارج. يبدو أن هذه الفجوة نابعة من الازدياد المضطرد بنسبة المهاجرين إلى دول الخليج العربي، حيث هناك حاجة كبيرة للعمال في مجال صناعة النفط.
تأثيرات الربيع العربي
لقد أثرت أحداث الربيع العربي والثورات الأخيرة التي اندلعت في بعض الدول العربية تأثيرًا كبيرًا على عدد المهاجرين واللاجئين. هاجر كثيرون من سوريا ومن دول أُخرى والتي فيها صراعات دموية. كما واضطرت دول أُخرى أن تستقبل الكثير من اللاجئين السوريين، الأمر الذي يُشكل عبئًا اقتصاديًا عليها.
يُشكل، في الواقع، اللاجئون في المنطقة نسبة 65.3% من النسبة الكلية للمهاجرين في الدول العربية. لا شك أن هذه النسبة عالية جدًا، وتعكس الوضع السياسي الصعب في المنطقة. تدفع الأوضاع في الشرق الأوسط العديد من العائلات إلى محاولة الهجرة معًا إلى دول أوروبية، إلا أن تلك الدول تضع أحيانًا عراقيل.
غالبية المهاجرين ليسوا من ذوي التحصيل العلمي العالي. من الأراضي الفلسطينية المحتلة مثلاً، فقط 7% من المهاجرين هم من الحاصلين على تعليم عالٍ. بالمقابل، في دول أُخرى مثل لبنان، فإن النسبة هي نحو 40%. لذا، عبّرت بعض الدول عن خشيتها من تسرب العقول من مناطقها إلى أماكن أُخرى في العالم، الأمر الذي يؤثر على التطور والاستثمارات في الدولة على المستوى الوطني.
“ليس هناك احترام، أمن وظيفي، ومهنية”
أظهر تقرير، تم إجراؤه في المنطقة، ارتفاع نسبة المتعلمين من بين المهاجرين من الدول العربية وارتفاع بنسبة تسرب الأدمغة والأشخاص المتخصصين بمجالات معينة. الكثيرون من المهاجرين العرب هم أطباء يبحثون عن دولة يتم فيها تأمين مكان عمل لهم. يؤدي هذا الأمر إلى تناقص جودة الموارد البشرية وجودة الطب الذي تقدمه الدول العربية لمواطنيها.
يقول المهاجرون أنفسهم إن الدخل القليل وأماكن العمل القليلة هي من العوامل المركزية التي تدفع نحو الهجرة من المنطقة. “لا أشتاق أبدًا لسوريا، لأنه لم يكن فيها احترام أو أمن وظيفي أو مهنية”، هذا ما صرح به أحد المهاجرين السوريين، الذي يعمل مهندس حاسوب، إلى شبكة الأنباء الإنسانية IRIN. بالمقابل، هناك من يفضلون البقاء في سوريا النازفة رغم كل شيء. هذا ما قاله مهندس من مدينة حمص مثلاً: “لن أترك سوريا أبدًا لأنه لدي رؤيا خاصة بي من أجلها. نحن نعمل من أجل مستقبلها”.
تحاول الدول العربية ذاتها مواجهة ظاهرة تسرب الأدمغة من الشرق الأوسط مثلاً لأن هناك حاجة لتبادل المعلومات بين الدول ولأنه في حال كانت هناك هجرة – من المهم أن تكون بين الدول ذاتها وليس خارج الشرق الأوسط. تم التأكيد، خلال مؤتمر تم عقده بخصوص مسألة المهاجرين العرب، على أن الخبرات العربية هي موارد هامة ويجب الحفاظ عليها.
تم نشر المقالة لأول مرة في موقع ميدل نيوز