بعد ليلة عاصفة، استفاق العالم على خبر استعداد دونالد ترامب لتبوُّء قيادة الدولة العظمى في العالم. وبعد مرور الصدمة الأولية، سارع زعماء العالم إلى المباركة لترامب على فوزه. لكنّ خلف هذه التهنئات المهذبة مخاوفَ عديدة كما يبدو.
طوال المعركة الانتخابية، ظهر ترامب مرارًا وتكرارًا كعديم خبرة بالوقائع، اندفاعي، ومتقلب المزاج.
فبعد أن اعتُبر ترامب مرشّحًا إيجابيًّا بالنسبة لإسرائيل، حتى إنه وعد بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، أدان المساعدة الاقتصادية الهائلة التي تقدّمها الولايات المتحدة لدُوَل مثل إسرائيل دون مقابل فعليّ. وإذا بدأ ترامب بتقليص المساعَدة الأمنية التي تحصل عليها إسرائيل، فسيكون ذلك كارثة بالنسبة إليها، لا أقلّ.
وهنّأ رئيس الحكومة الإسرائيلي أيضًا ترامب بانتصاره، ويبدو وفق التقديرات في إسرائيل أنه سيتدبر أموه مع ترامب بشكل أفضل من هيلاري، وبالتأكيد أفضل من باراك أوباما، الذي تدهورت العلاقات معه باستمرار. في اليمين الإسرائيلي، عبّر الكثيرون عن ابتهاجهم بانتصار ترامب، مفترضين أنه سينحاز إلى الجانب الإسرائيلي في كلّ ما يتعلق بالصراع الإسرائيلي – الفلسطيني. وإذا كان الحُكم وفق الرسالة الباردة من عباس وقيادة السلطة الوطنيّة الفلسطينيّة إلى ترامب، يبدو أنهم يُشاطرون اليمين الإسرائيلي النظرة ذاتها.
منذ اتّضاح فوز ترامب، يحاول المحلّلون أن يقدّروا كيف ستكون أحوال العالم. يشعر معظمهم بالقلق، ليس لقلّة خبرة ترامب فحسب، بل أيضًا بسبب طبيعته الإشكالية وغياب موقف واضح وثابت له في مجالات عدّة.
هكذا، على سبيل المثال، كتب المحلّل السياسي لصحيفة هآرتس: “دونالد ترامب، بالتأكيد الإنسان الأكثر غرابةً الذي فاز بالرئاسة الأمريكية في العصر الحديث، سيقود في 20 كانون الثاني القادم القوة العسكرية الأكبر في العالم، الدولة العظمى الاقتصادية الأهم، والتي تحوز ترسانة أسلحة نووية هائلة. كرّر ترامب وعده في خطاب النصر بإعادة أمريكا إلى عظمتها من جديد. ولكن اليوم على الأقلّ، بدا انتصاره المفاجئ خبرًا مقلقًا جدًّا لاقتصاد العالم، وحتى لسلامه”.