لقد كانت حادثة اختطاف الشبان الإسرائيليين الثلاثة، التي انتهت الآن بمأساة، متوقعة إلى حد ما: كانت بين أيدي الخدمات الأمنية الإسرائيلية طوال وقت طويل تحذيرات كثيرة عن نوايا حماس، إضافة إلى منظمات أخرى، لخطف إسرائيليين بهدف المساومة. العبرة من وراء خطف غلعاد شاليط، والثمن الهائل الذي حصلوا مقابله في حماس: مئات الآلاف من الأسرى المحررين، لم يكن بوسعهما ألا يشكلا تحفيزًا لرجال حماس. قالوا في حماس علنًا – إذا كنا نرغب في إطلاق سراح الأسرى، علينا القيام بخطف إسرائيليين. إن الرأي العام الإسرائيلي حساس لحياة الإنسان، وخاصة لحياة الأشخاص الشبان، وفي نهاية الأمر سيستسلم السياسيون.
رغم كل هذه الأمور، ليس هناك أي منطق وراء الخطف والقتل في الوقت الحالي من ناحية حماس. لم تتعافَ المنظمة من فشل الرهان الاستراتيجي الأهم الذي أنجزته في العقد الأخير: الإخوان المسلمون في مصر. لا يُرسل الإيرانيون الأموال كما اعتادوا في الماضي، ولا يمكن الحفاظ على حي واحد في غزة بواسطة ما ترسله قطر أو تركيا.
لسوء حظهم، توجهوا في حماس إلى الوحدة مع فتح، المبغوضة لديهم، بهدف التخفيف عن العبء الاقتصادي في قطاع غزة. وحظيت حكومة الوحدة بدعم مفاجئ من أوروبا وكذلك بدعم متزن من الولايات المتحدة. كان يبدو وكأن حماس منذ البداية كانت تجمع شرعية. كان يبدو الهدوء مع إسرائيل كخيار استراتيجي سيستمر وقتًا طويلا.
من خلال اختطاف وقتل الشبان الثلاثة، تم الكشف عن حقيقتها: منظمة يعمل نشطاؤها (في هذه الحالة “الخليليون”، وخاصة عائلة القواسمة والتي يبدو أنها أعلنت عن دولة مستقلة) على خاطرهم دون أية علاقة بالمصلحة الاستراتيجية للزعامة. وهي منظمة ينظر إليها الرأي العام العالمي كقاتلة شبان وذنبهم الوحيد أنهم حاولوا الوصول إلى منزلهم بأمان. وهي منظمة التزمت بحكومة الوحدة الوطنية وفيما بعد أربكت أبي مازن وجعلته يخرج ضدّها علنًا (وحقًا، عملت قوات الأمن ضدّ حماس خلال عملية العثور على الشبان).
ترسل حماس في الأيام الأخيرة رسائل مستعجلة إلى إسرائيل عن طريق جهات وساطة مختلفة وخاصة رجال الاستخبارات المصرية المتواجدة في غزة. أهم الأشياء: يجري الحديث عن عمل محلي، وليست هناك صلة للزعامة في غزة، ويُرجى الامتناع عن القيام بعمل كبير في غزة. يشهد الأمر أكثر من أي شيء آخر عن مستوى السيطرة والوحدة في الحركة التي تنافست ذات مرة على زعامة الشعب الفلسطيني.