يكشف الحديث مع مسؤولين في الجيش الإسرائيلي، هذا الصباح، أن لا مكان للفرحة أو الرضا في صفوف الجيش إزاء عدد القتلى والجرحى الفلسطينيين في المواجهات العنيفة في غزة أمس، بل العكس. فمن جهة كان من دواعي سرور الجيش أن تنتهي الاشتباكات أمس دون أن تسفر عن عدد كبير من الضحايا.
لكن من جهة ثانية، قالت جهات عسكرية اليوم صباحًا: انتصرنا. والتفسير لذلك حسب مسؤولي الجيش: وظيفة الجيش هو الحفاظ على أمن الدولة وحدودها، وقد قمنا بهذا الواجب وأوضحنا للفلسطينيين أنه من الأفضل ألا يقتربوا من الحدود. كما تشير إسرائيل إلى أن حماس وعدت ب”مليونية” العودة في البداية، ولكن في وقت لاحق غيّرت تقديراتها وأشارت إلى أن عدد المشاركين المتوقع هو 100 ألف متظاهر. وفي الواقع، شارك أمس 40 ألف فلسطيني فقط، وذلك بعد أن مارست حماس ضغطا كبيرا على الفلسطينيين. يقول الجيش إن حماس لم تتردد في تهديد الأشخاص من أجل المشاركة في المظاهرات وحتى أنها دفعت مالا لبعض العائلات.
بالمقابل، أشارت جهة فلسطينية إلى النصر الكبير الذي حققه يحيى السنوار: الإضرار بالاحتفالات الإسرائيلية والأمريكية أمس بمناسبة افتتاح السفارة الأمريكية في القدس. رغم أن الاحتفالات تمت دون مشاكل ملحوظة، قنوات تلفزيونية كثيرة في أنحاء العالم بثت شاشات ثنائية: من جهة ظهر جاريد كوشنير وزوجته إيفانكا ترامب وهما يحتفلان في القدس، وفي الجزء الآخر من الشاشة ظهرت صور سقوط الضحايا في غزة.
تجدر الإشارة إلى أنه في ساعات الليل، نقلت حماس رسالة إلى إسرائيل تشير إلى أنها تخطط اليوم لإجراء “مظاهرات مختلفة”، الأمر الذي دفع إسرائيل إلى أن تفتح إسرائيل معبر كرم أبو سالم لإدخال الأدوية والمعدّات الإنسانية إلى غزة.
يبدو أن السنوار أدرك أنه من الصعب عليه أن يدفع عدد كبير من الفلسطينيين اليوم أيضًا للوصول إلى الحدود، بعد أن بات واضحا لهم أنهم معرضون لخطر الموت. لهذا بدأ يبحث عن بدائل أخرى.
حماس أرادت كذلك إحراج السعوديين والعالم العربي، ربما من أجل التأكيد على أهمية المساعدات الاقتصادية السخية الإيرانية التي تتلقاها. بعد ساعات الظهر يوم أمس، شجب السعوديون الذين التزموا الصمت في البداية، قتل الفلسطينيين، واليوم صباحا تحدثت عناوين الصحف السعودية عن “مجزرة في غزة”.
والسؤال أين أبو مازن من كل هذا؟. من جهة، ما زالت حماس تحث مواطني الضفة الغربية والقدس على التظاهر، ومن جهة أخرى، نلاحظ أن هناك القلائل الذين يستجيبون لمطالبها. يحي اليوم الثلاثاء الفلسطينيون ذكرى “النكبة”، إلى جانب تشييع جثامين الكثير من الضحايا الفلسطينيين الذين ماتوا في التظاهرات أمس، كما ستُطلق صافرات الحداد لمدة 70 ثانية. يُخشى أن تسفر أحداث اليوم عن المزيد من الضحايا.