غالبًا ما يعني كونك فنّان جرافيتي (كتابة على الجدران) أن تبقى في الظل، مجهولًا. يوقّع فنّانو الكتابة على الجدران باسم مستعار هو كناية عن مزيج من الحروف والأرقام، ويصرّ معظمهم على البقاء مجهولين، حتّى لو وصلت أعمالهم إلى المتاحف، أو حتّى بيعت. مَن لم يسمع بِبانكسي؟ إنكليزي، في الثامنة والثلاثين من عُمره تقريبًا، أعماله (غالبًا بقوالب سبك) منتشرة في كل العالم (بما في ذلك جدار الفصل). كُتبت عنه كُتب وعُرضت أفلام وثائقية، لكنّ هويته غير واضحة تمامًا.
تحوّل فن الجرافيتي في السنوات الأخيرة إلى أشهر من نار على علم في عالَم الفنّ، وما اعتُبر تخريبًا غير شرعيّ سرعان ما تحوّل إلى مُمؤسَس، جزء من المشهد اليوميّ، جزء من الفن المعماريّ للعالَم الجديد.
لكنّ الجرافيتي هو أعرق بكثير من الكثير من مجالات الفنّ الأخرى في العالم.
القليل من التاريخ
الجرافيتي هو رسوم تُرسَم على ممتلكات عامّة أو خاصّة. يمكن أن يكون الجرافيتي فنًّا، رسمًا، أو كتابات. بشكل عامّ، يجري الرسم دون إذن صاحب الملك، ولذلك يُعتبَر انتهاكًا للقانون وتخريبًا.
الجرافيتي قائمٌ منذ أيّام القِدم، فقد وُجدت كتابات الجرافيتي في الإمبراطورية الرومانية واليونان. يمكن القول إنّ رسوم المغارات القديمة هي نوع من الجرافيتي.
ويمكن العثور على أمثلة أولى للجرافيتي في المدينة اليونانية أَفَسُس (في تركيا اليوم). ويبدو أنها كانت إعلانًا دعائيَّا لبيت دعارة. كما يمكن إيجاد جرافيتي الفايكينج في روما وإيرلندا.
في العصر الحديث، يمكن اعتبار الكتابات التي رسمها جنود فرنسيون على مواقع مرّوا بجانبها في مصر خلال حروب نابليون جرافيتي (كتابة على الجدران).
في القرن العشرين، ولا سيّما بعد الحرب العالمية الثانية، اعتادت العصابات البلديّة في الولايات المتحدة على الكتابة على الجُدران عبر بخّ دهان على جدران في مواقع عامّة لتحديد مقاطعتها. وكثيرًا ما كانت الكتابات مرتبطة بحضارة موسيقى الهيب هوب والراب. مع الوقت، لم تعُد للعادة علاقة بـ “ثقافة العصابات”، وأصبحت منتشرة، وكذلك معقّدة وفنيّة أكثر.
جرافيتي إسرائيلي
فنّ الشارع ناشط في إسرائيل أيضًا. إليكم بعض الأمثلة: “هاروف” (الأكثرية) – مشروع بدأ أوائل آذار 2005، ظهرت خلاله في شوارع مدينة تل أبيب ألوان الأزرق السماويّ – الأسود – الأخضر على نطاق واسع – بدءًا من جدران المدينة وصولًا إلى المقاعد وخلايا الهاتف العمومي. بعد أسبوع، تجلّى أنّ هذا جزء من حملة مموَّلة من متبرع يهودي أمريكي أراد إنتاج شعار جديد، حيث يمثّل الأزرق السماوي الشعب اليهودي، الأخضر الشعب الفلسطيني، والأسود جدار الفصل بينهما.
في إسرائيل، الكتابة “شعب إسرائيل حي” منتشرة، وهي تظهر غالبًا بلون أزرق، مرفقة برسمة لنجمة داود. وكثيرًا ما تُضاف كلمات إلى هذه الكتابات من قِبل بخّاخي جرافيتي آخرين (مثلًا: (إضافة بالأحمر): “شعب إسرائيل يعيش في فيلم” (غير واقعي)، “شعب إسرائيل حي؟”، و”شعب إسرائيل حي وموجود!”).
وتشيع كذلك الكتابة “ن نح نحمان مئومان” لحاسيديي فروتسواف (تيّار في اليهودية)، وتظهر في مدن كثيرة، سيّما ذات الطابع الدينيّ، بأشكال شتّى.
رسوم على الحائط، المباني، والأرصفة
هناك جرافيتي في كلّ العالم – المدن التي تتصدّر المشهد هي نيويورك، بوينس أيرس، برلين، سياتل، ولندن؛ لكنّ في تل أبيب أيضًا حضورًا قويًّا للجرافيتي.الفنّانون المعروفون والبارزون هم ديفيز، ديديه، كلون، زيرو سينتس(Zero Cents)، وونكي مونكي(Winky Monky)، وآخرون كَثيرون. وأعمالهم المتنوّعة منتشرة على جدران، أبواب، مبانٍ، وأرصفة.
اخترنا لكم بضعة نماذج مثيرة للاهتمام بشكل خاصّ: