في الأيام العشرة الماضية التي مرّت منذ اندلاع موجة الحرائق في إسرائيل، سُمع ما لا يحصى من السياسيين والمسؤولين في المنظومة الأمنية الإسرائيلية، الذين أعربوا عن رأيهم وقرّروا ماذا حدث، مَن أشعل الحرائق؟ ولماذا؟
وقد قرر معظم السياسيين أنّ جزءًا كبيرا جدّا من الحرائق، التي أضرت بالكثير من المنازل والغابات في إسرائيل، كان على خلفية قومية.
ولكن تحقيق القناة الثانية يشكّك في التعميمات الكثيرة التي صدرت في الآونة الأخيرة. لم يستطع الكثير من المحقّقين في الحرائق، الذين يعملون في الميدان ويحاولون فهم إذا كانت حقّا حرائق متعمّدة نفذها فلسطينيون أو مواطني إسرائيل العرب، أن يقرّروا بشكل حاسم إذا كانت الحرائق، التي استعرت في البلاد لعدة أيام، ناجمة عن إشعال متعمد.
“ما زلنا لا نعرف أية معلومات. أتمنى لو كان نعرف شيئا”، كما يعترف محقق حرائق كبير أجرى مقابلة لتقرير القناة الثانية. رغم أقواله، فإنّ ذلك لا يوقف الجهات الأمنية عن اعتقال 39 مشتبها، معظمهم فلسطينيون والقليل منهم من مواطني إسرائيل العرب.
علي محاجنة، كهربائي في الرابعة والعشرين من أم الفحم، هو الوحيد الذي قُدِمت لائحة اتّهام خطيرة ضدّه حتى الآن. قال محاجنة للمحقّقين معه إنّ الدافع وراء إشعال النيران في مدينته، أم الفحم، ليس قوميا. وفقا لروايته، فقد تراكمت بين الفيلات في حيّ الظاهر في المدينة في الأشهر الأخيرة أكوام من القمامة. لم تخلِ بلدية أم الفحم القمامة وقد سئم من الانتظار، لذلك أشعل النيران للتخلص من القمامة التي تجمّعت.
في حادثة أخرى، كانت بحسب ادعاء شرطة إسرائيل الورقة الرابحة التي تدلّ على إشعال حرائق على خلفية قومية، هناك مقطع فيديو، أُرسِل لوسائل الإعلام، وتم فيه توثيق فلسطيني يشعل النيران في أرض مفتوحة. فاعتُقل الفلسطيني الذي تم توثيقه في مقطع الفيديو، جواد قطوش، خلال مدة قصيرة، وهو أب لأربعة أطفال في الثالثة والأربعين من عمره. ولكن اتضح في التحقيق ما لم يظهر في تسجيلات الكاميرات: فقد أكلت النيران بشكل أساسي أشواكا، جميعها بين المدرّجات في أرض زراعية خاصة. كان قطوش يقف بجانب النار ولم يهرب. لقد أشعل منطقة صغيرة من أجل إعداد الأرض للعمل الزراعي، كما قال أفراد عائلته. ليست العائلة فقط هي التي تدّعي ذلك – فقد تم إطلاق سراح قطوش أول البارحة، بعد أن قبل الجيش روايته.
من بين 39 مشتبها بهم بإشعال الحرائق، بقي 10 أشخاص فقط رهن الاعتقال – وأطلِق سراح جميع البقية دون قيد أو شرط. قُدِمت لائحتا اتهام فقط، واحدة في قضية إشعال القمامة. في الحرائق الكبيرة والخطيرة، في حيفا وزخرون يعكوف، لم يتم العثور على مشتبه بهم، ولم يتقرّر بعد إذا كان الحديث يدور عن حرائق متعمّدة.
ولكن تحقيق القناة الثانية لم يقنع وزير الأمن الداخلي، جلعاد أردان (الليكود). ردّا على الكلام الذي جاء في التحقيق، ادعى الوزير أردان أنّ “إسرائيل مرّت في تجربة إرهاب إشعال نيران في الأسبوع الماضي ولن أسمح بكنس هذه الحقيقة إلى تحت السجادة”، كما كتب معلّقا في تويتر.
“رأيت تقرير القناة الثانية. الادعاء: إذا لم يتم إثبات التهم فهذا إشارة أنّه لم تكن هناك حرائق متعمّدة هو هلوسة. من يقول إن 60% من الحرائق هي حرائق متعمّدة، هم المحققون في الحرائق”، كما أضاف الوزير أردان. “زجاجات حارقة في مركز الحريق، مواد مشتعلة تم صبّها على الأرض، كاميرات تظهر مشتبها به يخرج من المنطقة قبل دقيقة من اشتعال النيران، حرائق متعمّدة في عدة نقاط وفقط في البلدات اليهودية” كل هذه بحسب ادعاء الوزير، أدلة على إرهاب الحرائق المتعمد ضدّ اليهود.
وعلّق أيضًا عضو الكنيست من القائمة المشتركة، أحمد الطيبي، على التحقيق. قال في صفحته على تويتر “ماذا تبقّى من انتفاضة الحرائق؟ من إرهاب إشعال الحرائق؟ ماذا تبقّى من العملية الإرهابية الضخمة؟ بقي كذب ضخم وتحريض فائق…”. أثنى الطيبي على محققي القناة الثانية وادعى أنّهم ادعوا كل الوقت عدم حدوث حرائق متعمّدة على خلفية قومية.
في هذه الأثناء تدور نقاشات كثيرة حول مَن هو المسؤول؟ هل الحرائق متعمّدة أم أنها حدثت بسبب ظروف طقس إشكالية؟ يصب جميعها زيتا على نار العلاقات الهشّة بين العرب واليهود في إسرائيل، والتي لا تستطيع التعافي.