فترة الأعياد المسيحية هي الفترة الأكثر ازدحاما وضغطا في مديرية الارتباط المدني في بيت لحم. في الوقت الذي تتزين فيه المدينة بالأشجار العالية والأضواء المتلألئة، يتراكم على طاولة مكتب رئيس مُديريّة التنسيق والارتباط المدني في المنطقة المزيد والمزيد من طلبات الزيارات العائلية، السفر إلى الخارج وتصاريح الدخول إلى إسرائيل.
“من بين عشرات آلاف الطلبات التي تم استقبالها للدخول إلى إسرائيل، تمت الموافقة على جميعها تقريبا. حالات قليلة جدا فقط لم تتم الموافقة عليها لأسباب أمنية. وذلك بالإضافة إلى كل النساء فوق سنّ 50 والرجال فوق سنّ 55 الذين يمرون بحرية خلال كل العام، بالإضافة إلى القاصرين تحت سنّ 16”. بالإضافة إلى ذلك هناك تنسيق مكثف مع الكنائس في بيت لحم والقدس، والتي تشمل الكثير جدا من الزيارات لشخصيات كبيرة في الكنيسة والتي تأتي من الخارج، وتحظى بالدخول بسلاسة وكرامة، وأحيانا مع مرافقة دائمة.
ومع ذلك، ففي هذا العام، بسبب الحالة الأمنية الصعبة، لوحظ انخفاض كبير في حركة السياح القادمين إلى بيت لحم، والتي تفتخر عادة بفترة الأعياد. “أضرت الحالة الأمنية كثيرا بالسياحة في بيت لحم، والتي هي في معظمها سياحة دينية، وتشكل مصدر الرزق الأساسي للسكان – بدءا من مرشدي السياح ووكلاء السفريات، وصولا إلى أصحاب الحوانيت والمطاعم التي تقدم لهم الخدمات”. قامت مُديريّة التنسيق والارتباط بكل ما في وسعها من أجل مساعدة السكان الفلسطينيين للاستمرار في كسب الرزق، وعدم المسّ بحركة السياح، القليلة على أية حال. بعد كل شيء، فهناك مصلحة لإسرائيل أيضًا باستمرار الروتين على نحو سلس قدر الإمكان.
عندما سألت اللواء سندلار إذا كانوا يشعرون في أعقاب الحالة الأمنية بانخفاض في عمل التنسيق والارتباط فأصرّ على أنّ العمل مستمر بكامل قوته. “إذا فربما تحديدًا هناك المزيد من العمل”، سألته، وأصرّ على أنّ العمل الجاري مستمر، لا فرق في حجم العمل والتنسيق المدني مستمر كالعادة. “في نهاية المطاف، أعود إلى المنزل كل مساء في نفس الوقت”، يقول مازحا.
وبالفعل، يبدو أنّ على الحياة الاستمرار، وكل يوم تستمر التوجهات الروتينية بالقدوم من قبل الفلسطينيين، معظمها تتعلق بتصاريح الدخول والخروج من السلطة إلى إسرائيل، والمساعدة في حلّ مشاكل البنية التحتية، كالكهرباء، الماء، الصرف الصحي إلخ. بالاستثنائي في هذه الفترة هو التنسيق في كل ما يتعلق بإعادة جثث منفّذي العمليات الإرهابية إلى عائلاتها.
“ألا يوجد انتقادات ضدّ السلطة لكونها تقيم علاقات يومية مع الجيش الإسرائيلي في أيام متوترة جدا بين الجانبَين”؟
“يمكننا أن نسمع في الإعلام الفلسطيني الكثير من الانتقادات حول التصرف تجاه إسرائيل، وانتقادات أيضًا تجاه مُديرية التنسيق. ولكنها انتقادات بالنسبة لهم يجب أن تصدر. أنا أعتقد أنّ الناس في الواقع يدركون بأنّه تنسيق يجب أن يتم من أجل مساعدتهم والتخفيف عن حياتهم، وهم يؤيّدونه”. وفقا لكلامه، فالانتقادات في الإعلام الفلسطيني لا تؤثر على أدائهم، ولا تؤدي بهم إلى الابتعاد أو تغيير حجم العمل.
“هل تنشأ علاقات شخصية بينكم وبين المنسّقين من الجانب الفلسطيني؟”
“إنهم أشخاص، وأنا بتواصل يومي قريب جدا معهم. يوجد لدى ضابطهم رقم هاتفي المحمول المباشر، ونحن نقيم علاقات عمل قريبة جدا. نجلس في لقاء عمل ونتحدث بالطبع عن أمور أخرى. على سبيل المثال، أنا أعتقد بأنّه يعرف اسم زوجتي وأنا أعرف كم ابنا لديه”. كما أجاب. وعلى الرغم من ذلك، يحدّد، فمع ذلك هو لقاء بين ضابط إسرائيلي بزيّ عسكري وبين ممثل عن السلطة الفلسطينية، فمن الصعب إذن أن نعتبر ذلك “صداقة”. لم نلتقِ أبدا خارج إطار العمل. ومع ذلك، كما يضيف، “لا أعلم كيف ستبدو الأمور لو كنت مسرّحا” (من الجيش)، ربما ألمح إلى أنّه لولا زيّه العسكري ومنصبه كان بإمكانه الحفاظ على علاقة الصداقة والقرب مع ذلك الممثّل عن السلطة الفلسطينية، الذي يحاول معه قدر الإمكان التخفيف عن واقع مئات آلاف الفلسطينيين الذين يعيشون في بيت لحم وما حولها.