إن اختيار يحيى السنوار ليكون رئيسا لحماس في غزة يعتبر إنجازا هاما للجناح العسكري لحماس في القطاع. ففي الساعات الأخيرة، بدأت تنتشر عناوين في المواقع الإخبارية الإسرائيلية، وفي العالم أيضا، تتحدث عن فوز السنوار في الانتخابات محاولة رسم شخصية مَن أصبح الرجل الأقوى في غزة، خلفا لإسماعيل هنية، الذي من المتوقع أن يشغل قريبا منصب رئيس المكتب السياسي لحماس خلفا لخالد مشعل.
ولكن، مَن هو يحيى السنوار؟
نشأ السنوار، ابن الخامسة والخمسين عاما، في مخيّم اللاجئين خان يونس في وسط القطاع، في الحيّ ذاته الذي نشأ فيه المسؤول السابق في السلطة محمد دحلان. كان السنوار من النشطاء الأوائل في كتائب عز الدين القسّام، الجناح العسكري الذي أقيم في بداية الانتفاضة الأولى. عام 1989 حكمت عليه إسرائيل بالسجن المؤبّد، بسبب قتل فلسطينيين اشتبه بهم في التعاون. عمل أخوه الصغير، محمد، قائدا لقطاع خان يونس. كان شقيقه مشاركا في العملية التي اختُطف فيها جلعاد شاليط في حزيران 2006، والتي أدت بعد مرور خمس سنوات إلى إطلاق سراح يحيى.
لقد أطلِق سراح السنوار من السجن الإسرائيلي عام 2011 في صفقة شاليط، ومنذ ذلك الحين أصبح يعتبر الرجل الأقوى في الجناح العسكري لحركة حماس. لقد جمع يحيى السنوار في السجن حوله نشطاء مخلصين له. في يومنا هذا، يتولى اثنان منهما، اللذان أُطلق سراحهما، منصبين رئيسيين في الأجهزة الأمنية في حماس: يتولّى روحي مشتهى ملفّ الأسرى، وتوفيق أبو نعيم هو رئيس جهاز الأمن الداخلي في القطاع.
يملي السنوار الخطّ الأكثر تشدّدا في حماس أيضًا في المفاوضات حول تبادل الأسرى. مع إطلاق سراحه عام 2011 مباشرة، وعد السنوار، في اجتماع حاشد في غزة، أنّه لن يسكت حتى يؤدي إلى إطلاق سراح كل أسرى الحركة في إسرائيل بالقوة. ويبدو وفقا للمعلومات المسرّبة بشكل غير مباشر من المفاوضات، أنّ السنوار وأصدقاءه يسعون إلى أن ينتزعوا من إسرائيل تنازلات ثقيلة.
تشير تقديرات جهات استخباراتية إسرائيلية إلى السنوار بصفته نجح في تخطي كلا المسؤولَين الآخرَين في قيادة الجناح، محمد الضيف ومروان عيسى بفضل نفوذه ومكانته. ويشكل السنوار حلقة ربط بين الجناح العسكري والسياسي. إن اختياره ليشغل منصب رئيس حماس في غزة يعزز التقديرات الاستخباراتية الإسرائيلية أن تأثير الجناح العسكري في غزة آخذ في الازدياد، ويتفوق على الجناح السياسي.
منذ نشر خبر فوزه في الانتخابات، يسرع المحلِّلون الإسرائيليون من التحذير من تطرف الزعيم الذي أصبح الرجل الأقوى في القطاع. وردت في صحيفة معاريف عناوين رئيسية جاء فيها “يخاف نشطاء حماس من السنوار أيضا” مؤكدة على مشاركته في التخطيط لتنفيذ عمليات وخطف جنود إسرائيليين.
وشددت وسائل إعلام إسرائيلية أيضا على أن السنوار يتخذ موقفا غير متهاون في التعامل مع السلطة الفلسطينية، وأنه يُعتبر أحد القادة البارزين في ترسيخ الأيدولوجية المعارضة لإسرائيل، مشيرة إلى أن انتخابه يزيد من احتمالات حدوث مواجهة عنيفة بين إسرائيل وحماس قريبا.
وكُتب في صحيفة “هآرتس” أن فلسطينيين التقوا بالسنوار يعتبرونه متطرّفا حتى بموجب مفاهيم الحركة، وأنه يتحدث بمصطلحات مروّعة عن حرب أبدية ضدّ إسرائيل. فمثالا على تطرف السنوار البارز، أوردت الصحيفة قضية مشاركته في إعدام حماس لمحمود اشتيوي قبل نحو سنة. وفق التقارير، بعد اعتقال اشتيوي بثلاثة أشهر، وصل السنوار نفسه إلى منزل عائلته، مصطحبا اشتيوي، ملوحا ببندقيته، ومهددا. يعتقد المحلِّلون، أن السبب الحقيقي لإعدام اشتيوي هو زيادة قوته التي شكلت تهديدا على مكانة السنوار.