يتوق السيسي إلى تحريك الاقتصاد المصري إلى الأمام، بعد الإضرار الشديد في السياحة وارتفاع البطالة اللذين جاءا بعد الاضطرابات السياسية والاجتماعية التي ضربت البلاد في الربيع العربيّ عام 2011. ولكن أحد المتغيرات التي ليست تحت سيطرته والتي تصعّب على جهوده كثيرا هو النموّ السكاني.
وفقا لدائرة الإحصاء المركزية في مصر، فقد ازداد عدد السكان بمليون نسمة خلال نصف عام فقط ويبلغ الآن 91 مليون نسمة. في الواقع، تجتاز مصر أيضًا الدولة المتقدمة بالإضافة إلى دول العالم الثالث من حيث نسبة النموّ فيها والتي تصل إلى 2.4%. وذلك بالإضافة إلى حقيقة أنّ 7.7% من مصر صالحة للسكن وأكثر من ربع السكان في مصر يعيشون تحت خطّ الفقر وفقا لبيانات الدائرة. ويجعل هذا مصر الدولة الأكثر اكتظاظا في العالم العربي.
وجاء في بيان دائرة الإحصاء أنّ هذا النموّ يضرّ بالجهود الكبيرة التي تبذلها الدولة في التنمية الاقتصادية. “علينا أن نحقق توازنا بين النموّ السكاني وبين مواردنا”، كما جاء فيه. وبالفعل، من الصعب تخيّل كيف ستستطيع مصر، حتى لو استثمرت أقصى الجهود، توفير مليون فرصة عمل جديدة كل نصف سنة من أجل التغلّب على البطالة، أو التخطيط كيفية توفير الطعام لجميع سكان مصر، في الوقت الذي تتزايد فيه أعدادهم زيادة حادّة.
يطرأ في معظم الدول الفقيرة اليوم ارتفاع في معدّل النموّ السكاني، ومعظم الدول الغنية في العالم ذات معدّل نموّ سكاني منخفض. في الدول الفقيرة، في إفريقيا على سبيل المثال، والتي معدل النموّ السكاني فيها مرتفع، لا يؤدي الارتفاع العددي في عدد السكان إلى النموّ الاقتصادي وإنما العكس – زيادة الفقر، بسبب كمية الموارد المحدودة التي تتوزع على أعداد أكبر من الناس.
الرأي السائد في أوساط خبراء الاقتصاد هو أنّ أحد الشروط الضرورية للاقتصاد المستقر هو النموّ السكاني المستقرّ. إنّ الخشية من الانفجار السكاني قد حثت دولا عديدة على تشجيع سكانها على تقليص عدد الولادات. في الثمانينيات، في أماكن عديدة من العالم بدأت حملات لتقليل الولادات. في الصين نشرت الحكومة عنوانا جاء فيه “نؤجل، ننتظر، نقلل” وبعد ذلك قيّدت الولادات حيث تقتصر على ولادة طفل واحد.
ولكن اليوم تمتنع الدول من التدخّل المتطرّف والمباشر إلى حد كبير في حياة الفرد وتحاول بطرق أخرى، مثل الهند، وهي الدولة الأكثر اكتظاظا في العالم، والتي تقدّم منَحًا مالية للأسر التي تخطّط عدد الأطفال الذين سيولدون وتوزّع وسائل منع الحمل مجانا.