في الأسبوع القادم، سيُعقد في نيويورك مؤتمر الدول المانحة للسلطة الفلسطينية. تزداد المنافسة صعوبة في كل سنة: لقد تغيّر الشرق الأوسط تغييرا جذريا، وهناك إجماع على أن المشكلة الأكبر أصبحت مشكلة اللاجئين السوريين. فضلًا عن ذلك، فإن عدم وجود حل سياسي بين إسرائيل والفلسطينيين في الأفق، وظاهرة الفساد في السلطة الفلسطينية يؤديان بالدول المانحة إلى أن تفكر جيدا قبل أن تُوقّع على الشيك المصرفي.
في هذه الحال، يفهم الإسرائيليون والفلسطينيون على حد سواء، أنه من المهم أن يُظهروا للدول المانحة تطورا اقتصاديا في المنطقة واستثمارا حقيقيا للأموال التي تصل إلى السلطة بهدف خلق اقتصاد فلسطيني قابل للتطبيق.
ففي الجانب الإسرائيلي، يترأس اللواء يوأف (بولي) مردخاي، المُلقب من باب الفكاهة بـ “الرئيس الفلسطيني” عملية تعزيز الاقتصاد الفلسطيني، وهو يعتبر الجهة الأنشط في القيادة الإسرائيلية التي تعمل لصاح تحسين حياة السكان في الضفة الغربية وقطاع غزة.
يقود مردخاي السياسة التي تقضي أنه على الرغم من الانتفاضة الأولى وزيادة مستوى العنف والتوتر في كلا الجانبين، يتعين على إسرائيل أن تُميّز بين السكان المدنيين وبين منفذي العمليات ضد الإسرائيليين وقد نجح في إقناع الحكومة الإسرائيلية، بما في ذلك وزير الدفاع، ليبرمان، بأن هذه هي السياسية الصحيحة.
الخطوة الأهم التي اتُخذت هي زيادة عدد الفلسطينيين الذي يُسمح لهم بالعمل في إسرائيل والذي سيصل تعدادهم إلى نحو 100,000 شخص. من المتوقع أن يحصل الفلسطينيون إثر هذه الخطوة على نحو خمسة مليارات شاقل سنويا ( نحو %12 من الناتج المحلي الإجمالي). بما أنه يتعين على كل هؤلاء الفلسطينيين الدخول إلى إسرائيل ولكن هناك مشكلة صعبة جدا الآن في المعابر، فقد نجح مردخاي في إقناع الحكومة الإسرائيلية في استثمار 300 مليون شاقل لتحسين المعابر بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل. في السنة الماضية فقط، دخل أكثر من ثمانية ملايين شخص من الأراضي الفلسطينية إلى إسرائيل، وكان ذلك أيضا بسبب قرار السماح بالدخول من دون تصاريح للرجال الذين تزيد أعمارهم عن 55 عاما.
ثمة تغيير طرأ في الآونة الأخيرة، في العلاقات بين شركة الكهرباء الإسرائيلية وبين المُستهلك الفلسطيني. فقد تنازل الإسرائيليون عن نحو نصف مليار شاقل من الديون المُستحقة على الفلسطينيين كخطوة أولى في العملية لتغيير اقتصاد الطاقة والكهرباء الفلسطيني ولتشكيل نقطة تحول في العلاقة بين إسرائيل وبين المستهلك الفلسطيني للكهرباء بهدف إقامة سلطة كهرباء فلسطينية مستقلة تكون مسؤولة عن المحادثات مع الإسرائيليين وتعمل على دفع المشاريع الجديدة قدما أيضا مثل مشروع إقامة محطة لتوليد الكهرباء في جنين.
طرأ تطوّر في مجال الغاز أيضا، في الأيام الأخيرة، وينوي كلا الطرفين أن يعرضا على الدول المانحة برنامجا لإقامة خط أنابيب غاز طبيعي أمام شواطئ غزة.
وفي حديث خاص ل “المصدر”، قال مردخاي: “لقد وقّعنا خلال عام على ثلاث اتفاقيات هامة، من شأنها أن ترقى بحياة الفلسطينيين إلى الأفضل. وهي دليل قاطع على أن الحوار المباشر والثنائي يأتي بنتائج إيجابية تصب في صالح تطوير المنطقة”.
وأضاف “سأعرض الأسبوع القادم اتفاق المبادئ أمام مؤتمر الدول المانحة في نيويورك بهدف الحصول على دعم دول العالم”.
هناك مشروعان آخران يتعلقان برفاهية السكان الفلسطينيين. يهتم المشروع الأول بإقامة نظام بريد فلسطيني منفصل، إذ ستصل الطرود البريدية مباشرة إلى الفلسطينيين عبر معبر ألنبي (بدلا من أن تمر عبر إسرائيل كما هو معمول به اليوم). أما المشروع الثاني فهو العمل على بناء بُنى تحتية لإقامة الجيل الثالث من شبكات الاتصال الخلوي، وهو ما ينتظره الفلسطينيون منذ وقت طويل.