اعلنت مصر الخميس عن اجراء انتخابات برلمانية بين 21 اذار/مارس و7 ايار/مايو المقبلين، في عملية اقتراع وصفها محللون بانها لن تشكل تحديا للرئيس عبد الفتاح السيسي الذي يحكم البلاد بقبضة حديدية منذ الاطاحة بسلفه الاسلامي في 2013.
وفازت جماعة الاخوان المسلمين التي ينتمي اليها مرسي وحزبها الحرية والعدالة بكل الاستحقاقات الانتخابية في اعقاب الاطاحة بالرئيس الاسبق حسني مبارك في شباط/فبراير 2011، لكن الجماعة التي تصنفها الحكومة الحالية “تنظيما ارهابيا” ممنوعة من المشاركة في الانتخابات.
واطاح السيسي القائد السابق للجيش بمرسي اول رئيس مدني منتخب في تموز/يوليو 2013 بعد تظاهر الملايين عبر البلاد للتنديد بهيمنة الاخوان المسلمين على جميع مفاصل السلطة وتدهور الاوضاع الاقتصادية.
ومنذ ازاحة مرسي، تشن السلطات حملة قمع واسعة خلفت في الاجمال نحو 1400 قتيل واكثر من 15 الف معتقل على راسهم قيادات الصفين الاول والثاني في جماعة الاخوان المسلمين يحاكمون بتهم عدة.
وصدرت احكام بالاعدام على اكثر من 400 من انصار الاخوان في محاكمات جماعية وسريعة وصفتها الامم المتحدة بانها “غير مسبوقة في التاريخ”.
ويواجه مرسي وقيادات الاخوان محاكمات عديدة, ومن المتوقع صدور اول حكم بحقه في 21 نيسان/ابريل المقبل في قضية متهم فيها بالتحريض على قتل متظاهرين معارضين في كانون الاول/ديسمبر 2012. ويمكن ان تصل العقوبة في هذه القضية الى حد الاعدام.
لكن الحملة ضد المعارضة الاسلامية امتدت لتشمل المعارضة العلمانية فصدرت احكام بالسجن على ابرز النشطاء المدافعين عن الديمقراطية ورموز الثورة التي اطاحت مبارك.
واكد السيسي نفسه قرار الاطاحة بمرسي معلنا خريطة طريق تتضمن صوغ دستور جديد للبلاد واجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية.
واقر الدستور الجديد الذي يوسع صلاحيات المؤسسة العسكرية في كانون الثاني/يناير الفائت في استفتاء نال موافقة 98% من المشاركين.
واكتسح السيسي الانتخابات الرئاسية امام منافس وحيد هو اليساري حمدين صباحي بنسبة 96.9% من اصوات الناخبين المشاركين في ايار/مايو الفائت. وبلغت نسبة المشاركة 47% من الناخبين المسجلين في القيود.
واوضح المستشار ايمن عباس رئيس اللجنة العليا للانتخابات ان الانتخابات ستنظم في المرحلة الاولى في 14 محافظة والثانية في 13 محافظة.
وعملية الاقتراع هذه ستكون اول انتخابات برلمانية في مصر منذ الاطاحة بمرسي ومنذ تلك التي فاز فيها حزب الحرية والعدالة الذراع السياسي لجماعة الاخوان المسلمين التي تصنفها السلطة الحالية “تنظيما ارهابيا” نهاية العام 2013.
ويضم البرلمان الجديد 567 مقعدا. وتجرى الانتخابات بالنظام الفردي على 420 مقعدا وبنظام القوائم على 120 مقعدا فيما يعطي القانون الحق لرئيس البلاد تعيين 27 نائبا.
وبعد سبعة اشهر في سدة الحكم، لا يزال السيسي الذي لا يحظى بتاييد حزب سياسي معين يتمتع بشعبية واسعة النطاق بحيث يعتبره قطاع كبير من المواطنين انه قادر على تحقيق الاستقرار في بلد يعاني من اربع سنوات من الاضطرابات السياسية والاوضاع الاقتصادية الصعبة.
وقتل مئات من رجال الامن الصمريين في هجمات تقول جماعات جهادية انها للانتقام لضحايا حملة قمع السلطة للاسلاميين، وتشدد السلطات من اجراءاتها الامنية في البلاد بسبب هذه الهجمات.
ويحظى السيسي الرجل القوي بسلطة التشريع حاليا قبل انتخاب برلمان. لكن خبراء قالوا ان وجود برلمان منتخب يتمتع بصلاحيات واسعة وفقا للدستور لن يؤثر في الموقف السياسي القوي للرئيس.
ولا توجد احزاب سياسية قوية ومتماسكة في البلاد حاليا بعد الحملة ضد المعارضة الاسلامية التي سبق ان فازت احزابها مجتمعها بنحو 75% من مقاعد البرلمان في 2011، في حين لا تحظى الاحزاب الليبرالية واليسارية بشعبية كبيرة في اوساط الناخبين.
ويعبر احمد عبد ربه استاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة عن اعتقاده بان مصر “امام مشهد سياسي جرى تجويفه وبالتالي لا يمكن ان ينتج معارضة سياسية للرئيس”.
واضاف لفرانس برس ان “كفة القوة ستكون الى جانب السيسي. الخطاب الدعائي للمرشحين للبرلمان يستخدم مفردات السلطة مثل استعادة هيبة الدولة والحرب على الارهاب”، وهي الشعارات السياسية التي تستخدمها السلطة حاليا.
واشار عبد ربه إلى ان “الاحزاب السياسية ضعيفة ومشتتة وكثير من شبابها وكوادرها في السجون”.
واعلن حزب المرشح الرئاسي الخاسر صباحي التيار الشعبي مقاطعة الانتخابات اعتراضا على قانونها الذي يعتبره الحزب بانه “يعيد مصر الى عهد مبارك”، واحتجاجا على المناخ السياسي الذي يقول انه يشهد “تضييقا متزايدا”.
بدوره، لا يتوقع الباحث بمركز سياسات الشرق الاوسط في معهد بروكنغز اتش اية هيللر ان يسفر البرلمان المقبل الكثير من المعارضة للسيسي.
ويقول لفرانس برس “من الصعوبة ان نرى كثيرا من المعارضة في قضايا متعلقة بالحكم وحقوق الانسان من البرلمان الجديد في الاجواء الحالية”.