غداة الخطاب الدراماتيكي الذي ألقاه الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، أمس الأربعاء، في الأمم المتحدة، وتهديده بأن السلطة الفلسطينية لن تلتزم بالاتفاقات الموقعة مع إسرائيل طالما إسرائيل لا تلتزم بهذه الاتفاقات التي تربط بين الطرفين منذ 22 عاما- يحاول الإسرائيليون، على المستوى السياسي والإعلامي، فهم أقوال عباس، وتقييم مدى استعداده للمضي قدما في تهديده.
فمن جهة قال عباس إن السلطة برئاسته لن تلتزم بعد بالاتفاقات مع إسرائيل، لكنه لم يحدد موعدا ولم يشر إلى مجال محدد في هذا الصدد. هل ستوقف السلطة التنسيق الأمني، هل ستوقف السلطة معاملاتها الاقتصادية مع إسرائيل؟ ماذا سيفعل عباس مع قوات الأمن الإسرائيلية؟ وكيف ستتصرف السلطة في المناطق الفلسطينية، لا سيما “ب” و”ج”. هذه أسئلة مفتوحة يطرحها المحللون الإسرائيليون دون معرفة الإجابة عليها.
ووصف أحد المحللين خطاب عباس كاتبا “عباس ألقى قنبلة بالفعل، لكنه لم يضغط على زر التشغيل، وهو الآن في حالة انتظار ليرى ردود الفعل في إسرائيل والعالم، ومن ثم سيقرر ماذا سيفعل بهذه القنبلة”.
واتفق المحللون الإسرائيليون على أن عباس نجح في لفت الأنظار مجددا إلى القضية الفلسطينية، حيث تصدرت تهديداته العناوين الرئيسية وكانت حديث الساعة في الأمم المتحدة، لكن الرئيس الفلسطيني قد يجد نفسه وحيدا بعد قليل، فمن ناحية إسرائيل لا يوجد أي استعداد للتخلي عن السلطة الفلسطينية، والدول العربية “غارقة” بقضايا أكبر من مصير السلطة الفلسطينية، والأمم المتحدة ليس لديها ما تقدمه للسلطة الفلسطينية غير رفع العلم الفلسطيني في ساحتها.
ويقول محللون إن الرئيس الفلسطيني ربما وجّه خطابه إلى الداخل الفلسطيني ليعيد شعبيته في الشارع الفلسطيني، وهو الآن سيعود منتصرا إلى رام الله، بعد أن ألقى خطابا قويا في الأمم المتحدة، وبعد أن رفع العلم الفلسطيني هناك.
وبالنسبة لإسرائيل الرسمية، فقد جاء الرد على خطاب عباس سريعا، دون التطرق لتهديد الرئيس الفلسطيني، فقط اعتبار الخطاب أنه حافل بالأكاذيب والتحريض. وورد كذلك أن الحكومة الإسرائيلية تدعو الرئيس الفلسطيني إلى العودة إلى طاولة المفاوضات لحل القضايا العالقة بين الطرفين، والكف عن الالتفاف على إسرائيل.