في تشرين الثاني عام 2013 اغتالت وحدة يمام (وحدة قتالية لمكافحة الإرهاب) خلية ذات 3 مطلوبين: محمود النجار، موسى محمد موسى مخامرة من يطا، ومحمد فؤاد نيروخ من الخليل. كان الثلاثة أعضاء في “مجلس شورى المجاهدين”، الذي عمل على بناء بنية تحتية عسكرية لتنفيذ العمليات ضدّ السلطة الفلسطينية والجيش الإسرائيلي، بما في ذلك عمليات الاختطاف. قال شقيق محمد نيروخ إنّ أخيه كان عضوا في حماس ولكنه انسحب من الحركة وانضم إلى تنظيم سلفيّ جهادي منذ أن كان في السجون الإسرائيلية.
بعد شهر من ذلك نشر تنظيم “مجلس شورى المجاهدين أكناف بيت المقدس” بيانا عن بدء تبلوره وقيامه في الضفة وعرّف أهداف الكفاح: اليهود الكفار والسلطة الفلسطينية. قيل في البيان إنّ العناصر الثلاثة الذين اغتالتهم قوة الجيش الإسرائيلي في منطقة الخليل في تشرين الثاني كانوا من عناصره الذين قُتلوا في “كمين نصبه اليهود الكفرة الذين تلقّوا معلومات من عملاء السلطة الفلسطينية”. بل أعلن فرع الضفة الغربية لتنظيم الدولة الإسلامية في حزيران 2014 عن مسؤوليته عن اختطاف الشبان الإسرائيليين الثلاثة انتقاما على اغتيال المطلوبين الثلاثة. خرج الخاطفون، مروان قواسمي وعمر أبو عيشة، من مدينة الخليل.
وكما يبدو فإنّ أبناء العمومة محمد وخالد مخامرة من يطا، اللذين نفّذا عملية سارونا (في تل أبيب) هذا الأسبوع، هما أقرباء موسى مخامرة الذي اغتيل في تشرين الثاني 2013. على خلفية المكتوب أعلاه يُطرح عدد من الأسئلة.
أولا، هل منفذا العملية في سارونا هما جزء من شبكة سلفية جهادية أقيمت من قبل موسى مخامرة؟ هل العملية هي جزء من نمط سلوك ثابت للحمائل في الخليل وما حولها، والتي تُخرِج عمليات عدوانية كلما ازداد الاحتمال لمصالحة فلسطينية وتجديد العملية السياسية؟ إنّ استعداد قادة مصر، الأردن، والسعودية للانضمام إلى تجديد العملية السياسية بين إسرائيل والفلسطينيين كان خطيرا، في نظر المعارضين للتسوية، وقد تثير العملية في مجمع سارونا رد فعل عاطفي إسرائيلي وبالتالي قد تحبط استئناف العملية السياسية.
ثانيا، هل العملية هي تحدّ لإجراءات الاعتدال في حماس وفتح وانحرافهما عن طريق الجهاد، لإيقاف الفصائل العسكرية الإسلامية والعلمانية، وتحد لتعاون السلطة الفلسطينية وحماس مع إسرائيل؟
في دراسة منذ العام 2012 من قبل باحثات وباحثين من معهد راند، شارك فيها 600 مشارك بين أعمار 18-30 – كان 50% منهم تقريبا من الخليل، و 25% تقريبا من رام الله، و 25% تقريبا من جنين. كان سؤال البحث المركزي حول ما إذا كان العامل المحفز للتطرّف العنيف في أوساط الشباب هو الأخلاق، فعالية العنف وتكلفته، أو غياب العلاقة الاجتماعي والأسرية مع العناصر العسكريين.
أجاب نحو 80% من المستطلَعة آراؤهم أنّ هناك تأثير كبير أو تأثير معين لأفراد أسرهم على القرارات الرئيسية في حياتهم، ونحو 90% أجابوا أنّهم يلتقون أقل من مرة واحدة في الشهر مع الأصدقاء أو الجيران. بكلمات أخرى، الأسرة ذات تأثير أكبر على سلوك الشبان مقارنة بأصدقائهم وجيرانهم. وقد وُجد أيضا أن المستطلَعة آراؤهم الذين لم يكن أفراد أسرهم متورطين في احتجاج عنيف، ولم يكونوا مطلوبين أو معتقلين بسببه، كانوا يميلون إلى عدم المشاركة في مثل هذا الاحتجاج، والعكس. أي إنّ الخوف من عوامل القمع من شأنه أن يجعل المواقف معتدلة، ولكن مشاعر الالتزام للأسرة من شأنها أن تدفع الخوف جانبا.
وجد الدكتور هرئيل حوريف من جامعة تل أبيب، والذي درس العلاقات الأسرية في الخليل، أنّ الحمائل الخليلية تكرّس القيم الجماعية للأسرة والمؤسسة القضائية العشائرية لاعتبارات أيديولوجية، سياسية، اقتصادية واجتماعية. إنّ التماسك الاجتماعي الكبير لديها وصعوبة اختراقها يُجبر السلطات الحكومية في كثير من الأحيان على طلب مساعدة رؤساء الحمائل من أجل فرض النظام في المنطقة.
نُشرت هذه المقالة للمرة الأولى في موقع منتدى التفكير الإقليمي