في مكان ليس بعيدا عن معارك البشمركة وداعش، هناك مخيّم اللاجئين الأيزيديين الذين فروا من قبضة داعش. تحمل النساء على أجسادهن وفي وعيهن الاحتقار الذي مررن به عند بيعهن كإماء لمقاتلي داعش، ونُقلن من يد إلى أخرى، اغتُصبن كثيرا حتى لحظة إنقاذهن. دُرب الأولاد ليكونوا جنودا منتحرين خبيرين – التدرّب على إعداد أحزمة ناسفة، التدرّب على قطع رؤوس القطط، واعتناق مبادئ الدولة الإسلامية. كانت عملية إعادة تأهيلهم طويلة وصعبة أيضا.
تقف الإسرائيلية ليسا ميارا، وراء إنقاذ هؤلاء الأيزيديين. “قالت إحدى الأيزيديات في مقابلة معها لأخبار القناة الثانية الإسرائيلية إنها نجت بفضل ميارا وهي بمثابة “أختنا”، وقالت ميارا “أشعر وكأنني في بيتي، وهذا ليس متوقعا ولكن أصبح بيتي. ليس لدي تفسير لذلك. هم مثل عائلتي”. في المقابل، قال لها مجري المقابلة والذي رافقها في إحدى زياراتها في شمال العراق “في إسرائيل، يعتقدون أنك مجنونة”.
ولكن تدرك ميارا الخطر الذي قد تتعرض له بصفتها يهودية إسرائيلية تتجول في المنطقة التي تدور فيها رحى الحرب، ولكنها لا تخاف. تحاول توخي الحذر والحفاظ على نفسها، أولادها، وأحفادها الذين ينتظرونها في إسرائيل. “يتجول عناصر داعش هنا أيضا، ويتواجد هنا نشطاء سريين. يجب معرفة مع من يمكن التجول، إقامة علاقة، وكذلك توخي الحذر”، تقول وفق خبرتها. وقد تُوفي بعض الأشخاص الذين ساعدوها على إنقاذ الأيزيديين من قبضة داعش.
تجمع ميارا الأموال من حول العالم في إطار جمعيتها التي تُدعى “براعم أمل – springs of hope”، وترسل في إطار عملها فيها مشترين سريين إلى سوق العبيد الخاص بداعش في الرقة والموصل لشراء الفتيات الأيزيديات المرشحات للبيع إلى مقاتلي داعش، ومن ثم يتم تهريبيهن إلى منطقة أكثر أمنا، بعيدة عن سيطرة داعش.
وقبل أن تبدأ ميارا في هذا العمل الشاق، عملت في مجال البحث الأكاديمي وكانت سيدة أعمال، ولكنها تعرّضت لحادثة مأسوية غيّرت مجرى حياتها. في شهر كانون الأول 1998، عندما كان يخدم ابنها في الخدمة الإلزامية في الجيش الإسرائيلي، وجد نفسه وحيدا في مفرق في الضفة الغربية. وحاول فلسطينيون كانوا في المنطقة قتل ابنها عمدا. ولكن نجح ابنها في التهرب والنجاة، ولكن بعد أن تعافى من الكدمات الجسمانية، كانت الصدمة النفسية الصعوبة الكبيرة في حياته.
وقد نجا ابنها من الموت لاحقا بعد مرور أربع سنوات، عندما كان جالسا في مقهى في القدس، عندما وقعت عملية أسفرت عن مقتل 11 شخصا، وكان من بينهم أصدقائه. لذلك قررت ميارا أن تكرس حياتها من أجل مساعدة متضرري العمليات الإرهابية ليس في إسرائيل فحسب، بل في مناطق أخرى أيضا. لقد ساعدت مقاتلي جيش لبنان الجنوبيّ الذين تضرروا من حزب الله، وتكرس في الآونة الأخيرة جهودها لإنقاذ الأقلية الأيزيدية، والتي منذ أن احتلت داعش منطقة سنجار في شمال العراق، تتعرض لخطر الإبادة