من المخطط أن يلتقي وفدا المفاوضات -الوزيرة تسيبي ليفني ومبعوث رئيس الحكومة المحامي يتسحاق مولخو، رئيس الوفد الفلسطيني صائب عريقات والوسيط مارتن إنديك – في القدس في الأسبوع المقبل لمواصلة ماراثون المحادثات واللقاءات. وفي هذه المرة، في الجولة الثانية، من دون حضور وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، ولكن تحت عين رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو الساهرة، حيث خرج كثيرون من مواطني إسرائيل إلى الاستجمام وقلّ الانتباه الجماهيري للأحداث الجديدة، ستحاول إسرائيل والسلطة الفلسطينية توجيه هذا الحوار إلى مسار من التقدم.
يراقب الجمهور الإسرائيلي هذه المسألة بعدم اكتراث وبتوقعات منخفضة. وقد نشر المعهد الإسرائيلي للديموقراطية بالتعاون مع جامعة تل أبيب هذا الأسبوع ’مؤشر السلام’، وهو استطلاع علني تجريه البروفيسورة تمار هرمان والبروفيسور إفرايم ياعر، وهو يتقصّى منهجيا رأي الجمهور حول النزاع الإسرائيلي الفلسطيني بشكل متواصل منذ العام 1994.
تشير البيانات إلى أن 63% يعتقدون أن حكومة إسرائيل ترغب حقا بالعودة إلى المفاوضات السلمية، غير أن 18% فقط يؤمنون أن هناك احتمال مرتفع لذلك. 34% يعتقدون أن حزب ’البيت اليهودي’ يجب أن ينسحب فورا من الحكومة لكي لا يشارك في عملية يكون نجاحها منوط بإخلاء المستوطنات، 64% أشاروا إلى أنه يتوجب على إسرائيل أن تجري استطلاعا شعبيًا للمصادقة على اتفاقية تشكل انسحابا من الأراضي.
أما القسم الأقل تشجيعًا بين الإجابات على الاستطلاع فهو عدم استعداد الجمهور الإسرائيلي للتضحية من أجل اتفاقية سلام. معظم الإسرائيليين يعارضون التقدم مع الفلسطينيين في كافة المسائل الجوهرية. 77% أجابوا أنهم يعارضون مبدئيًا حق عودة الفلسطينيين، 62.5% يعارضون الانسحاب إلى خطوط العام 67، من خلال إنجاز تعديلات على الحدود وتبادل الأراضي، 58% يعارضون إخلاء المستوطنات (لا يشمل الكتل الاستيطانية) و 50% يعارضون نقل الأحياء الشرقية في القدس لتقع تحت نفوذ السلطة الفلسطينية.
وكما ورد سابقا، مع هذا الجو الجماهيري في الخلفية، يحاول ليفني، مولكو وعريقات التقدم من النقطة التي تم فهيا استدعاء ليفني الأسبوع الماضي من واشنطن فقد خططت ليفني للبقاء هناك بضعة أيام إضافية، إلى ما بعد اللقاء الافتتاحي ولكنها استدعيت لتعود على جناح السرعة بهدف استخدام صوتها لصالح عمليات تصويت نهاية فترة تولي الائتلاف على قوانين الاستفتاء الشعبي والحُكم في اليوم الأخير من دورة الكنيست الحالية.
وقد خصصت الإدارة الأمريكية للمفاوضات تسعة أشهر وقد نشرت ليفني “ستاتوس” يشبّه العملية المتوقعة بالحمل. “العملية التي بدأت أشبه بحمل في الأشهر الأولى. وكتبت “ربما تكون هذه هي المرحلة الأكثر خطرًا وما زال من غير المعروف كيف ستتطور وهل سيكتب لها البقاء”. في مثل عالم التشبيهات هذا، فإن ليفني تصل إلى المرحلة المتقدمة الثانية من المفاوضات، التي يمكن فيها الكشف، بواسطة فحوص بسيطة لمسح الأجهزة هل يجري الحديث عن جنين جميل أو جنين مُعاق ولديه عاهات خلقية. يمكن القول بالحذر المطلوب الآن أن هذا الجنين، حتى وإن كبُر وتطوّر، يبدو أنه ليس جنينًا ينتظره أبواه البيولوجيان بسعادة كبيرة.
الحقيقة هي أنه فيما عدا ذلك “الستاتوس” ومقابلة أخرى في إحدى وسائل الإعلام، تحتفظ ليفني بضبابية وببروفيل منخفض. لحسن حظها، يجري الحديث عن فترة غير مليئة بالأخبار (أشهر الصيف) وليس هناك اهتمام كبير بما تفعله. بالمقابل، ليفني تمشي على حبل رفيع بين الاستجابة للصحافة وبين الحاجة إلى التقيد بقواعد البيت الأبيض، أي عدم إطلاق تصريحات رنّانة على وسائل الإعلام لا تكون بالتنسيق مع وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، والوسيط مارتن إنديك.
تعلمنا مراقبة خطوات ليفني أن هناك لعبة مزدوجة ومعقدة. تحاول ليفني اللعب في الملعبين – أن ترضي الائتلاف من جهة (في التصويتات المذكورة أعلاه) ولكن من جهة أخرى أن تواجه العقبات التي يضعها أعضاء الائتلاف أمامها عن سابق قصد.
على سبيل المثال، على الرغم من أن ليفني قد أعلنت أن استفتاء شعبي حول اتفاقية سلام هي خطوة معقدة جدًا وهي بخلاف نظام الحكم في إسرائيل، إلا أنها صوتت إلى جانب قانون الأساس الاستفتاء الشعبي (خلافا لتصريحاتها كما ذكرنا أعلاه) وذلك كي لا تثير خلافا بين الكتل التي تؤلف الائتلاف. إن قانون الأساس الاستفتاء الشعبي هو الوعد الذي وعد به رئيس الحكومة رئيس كتلة البيت اليهودي، نفتالي بينيت، وهو وعد تم ترسيخه في اتفاق الائتلاف.
في وقت لاحق، حين قررت الحكومة دمج مستوطنات معزولة في خارطة مناطق التفضيل الوطني، وجه وزيرا حزب الحركة، ليفني وعمير بيرتس، انتقادًا لقرار الحكومة التي هما عضوان فيها. وقالا في تصريح لوسائل الإعلام هذه “ليست مصلحة وطنية-اجتماعية” بعد أن امتنع كلاهما في التصويت داخل الحكومة “ليست مصلحة سياسية-حزبية. الحركة تعارض تحويل ميزانيات اجتماعية فاضة إلى مستوطنات معزولة في يهودا والسامرة”، على حد تعبيرهما.
المثير للاهتمام هو إلى متى وإلى أي حد من المناورة الأخلاقية يمكن للوزيرة التي تقود المفاوضات مع الفلسطينيين، أن تبتلع أشواك سائر أعضاء الحكومة.