يتم تداول إمكانية توحيد الأحزاب العربية تقريبًا في كل دورة انتخابات خلال العقدين الأخيرين، إنما ذلك يفشل في كل مرة من جديد بسبب الخلافات الداخلية والمصالح الشخصية، إلى جانب خلافات أيديولوجية وتحديدًا بين الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة وبين الجناح الجنوبي للحركة الإسلامية، التي تشكل عنصرًا أساسيًا في القائمة العربية الموحدة. قد يغير بروز عاملين رئيسين، هذه المرة، الصورة: رفع نسبة الحسم، الذي يُلزم الأحزاب أن تتقلص إلى قائمتين على الأكثر، والخوف من ازدياد الأصوات في الشارع العربي المطالبة بمقاطعة انتخابات الكنيست.
على الأحزاب العربية أن تواجه ادعاءات غياب تأثيرها في الكنيست وفي الحلبة السياسية الإسرائيلية وأن تلك الأحزاب تحولت إلى ورقة التين للديمقراطية الإسرائيلية، لأن أداءها في السنوات الأخيرة لم ينجح بوقف تعاظم اليمين ومشاريع القوانين العنصرية.
تتجسد أفضلية اتحاد الأحزاب العربية بتفادي القلق من تخطي نسبة الحسم. وأيضًا من شأن ذلك تقليص الخلافات الداخلية والجدل الدائم، الأمران اللذان يشكلان سببًا آخر لمقاطعة الانتخابات من قبل الكثير من الناخبين في الوسط العربي. سيحاول نواب الكنيست عرض جبهة موحدة في الصراع ضد الأحزاب الصهيونية، تتضمن مرشحي شخصيات عربية أيضًا. إذا قررت تلك الأحزاب الاتحاد فعلاً، فستحاول استغلال ذلك الأمر لإقناع عرب إسرائيل أنه بإمكان تلك الأحزاب أن تزيد من تمثيلهم في الكنيست من خلال قائمة أو قوائم مشتركة، وبهذا يُمكن رفع نسبة التصويت في الشارع العربي.
من شأن التعاون بين الأحزاب أن يفيد أيضًا في العمل الميداني والصورة العامة لتلك الأحزاب، بعد الضربة التي تلقتها في انتخابات السلطات المحلية قبل نحو عام وشهرين. حينها، لم تستطع تلك الأحزاب بأن يحظى أي من أعضائها بكرسي رئاسة السلطات المحلية على أساس قائمة حزبية، فقد تم انتخاب معظم رؤساء السلطات المحلية من قوائم مُستقلة تشكلت على أساس عائلي، عشائري أو ديني. أبرز مثال على ذلك هو الناصرة التي تُعتبر معقل الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة التي خسر فيها رئيس البلدية رامز جرايسي لصالح من كان نائبه، علي سلام، الذي ترشح للانتخابات بقائمة مستقلة.
تشهد العلاقة اليوم بين الأحزاب والشارع العربي انقطاعًا، ولكن لا ينبع ذلك من الرأي الشائع الذي يُستخدم لاستفزاز النواب العرب، والذي يدعي أنهم يهتمون أكثر بالمسائل الوطنية الفلسطينية بدل اهتمامهم بالقضايا المحلية.
نتج هذا الانقطاع أساسًا بسبب صراعات القوى الداخلية التي أثرت على الأداء اليومي وأدى إلى اشمئزاز الناخبين. ستكون الانتخابات القادمة بمثابة اختبار لقدرة الأحزاب العربية على التعاون ومخاطبة الجمهور العربي الإسرائيلي الذي يعاني من أزمة ثقة أمام الدولة وأمام ممثليه في الكنيست.
نُشرت هذه المقالة لأول مرة في صحيفة هآرتس