عشيّة زيارته الثانية عشرة، يبدو أنّ عددًا قليلًا من الناس في المنطقة لا يزالون يحتملون جون كيري. فمحاولته الدفع نحو معاهدة سلام بين إسرائيل والفلسطينيين، بتصميم أكبر، كما يبدو، من الجانبَين نفسَيهما، تثير نقدًا لاذعًا له من الطرفَين كلَيهما.
فالفلسطينيون يدّعون أنه منحاز لإسرائيل – بشكل خاصّ بسبب مسألة الاعتراف بدولة يهودية، فيما يظنّ المقرّبون من نتنياهو أنّ العكس هو الصحيح، فاقتراحاته الخاصّة باتّفاق الإطار تتجاهل المخاطر على أمن إسرائيل وتتجاهل الوضع الميدانيّ.
وبلغت الأمور ذروتها هذا الصباح، في هجومٍ غير مسبوق لـ”مصادر سياسيّة مسؤولة في إسرائيل” على كيري، نشرته صحيفة “إسرائيل اليوم”، المقرّبة جدًّا من نتنياهو.
“كيري يقوم بزيارات كثيرة إلى هُنا، لكنه لا يظهر أيّ فهمٍ لما يجري. برامج الولايات المتحدة سطحيّة وغير جدّيّة. لا علاقة بين ما يُقال عَلَنًا عن تقدُّم في المفاوضات وبين ما يجري حقًّا. يبدو أنّ كيري منفصل عن الواقع بكلّ بساطة. فهو ليس ملمًّا، في أحسن الأحوال، بجذور الصراع، لا يتمكّن من اقتراح حُلول حقيقية، كما لا يُبدي إلمامًا بقراءة الخرائط المعروضة عليه”، على حدّ تعبير تلك المصادر.
وبالنسبة للبرنامج الأمريكي للدفاع عن غور الأردن قالت المصادر، ذات الصلة بتفاصيل المفاوضات إنّه “سخيف، ولا يصمد على محكّ الواقع”.
وإليكم بضعة أقوال قاسية بشكل خاصّ:
“سلوك وزير الخارجية الأمريكي يدلّ على هوَس. ثمة مَن يقول إنّ هدفه أبعد من تحقيق السلام، فهو يأتي لاستغلال الصراع لمصالحه السياسية. وفق هذا التحليل، يبدو أنّ كيري يرى أنّ طريقه إلى البيت الأبيض تمرّ عبر التوقيع على معاهدة سلام في الشرق الأوسط”.
”يتجوّل كيري، مع السفير الأمريكي دان شبيرو والمستشار الخاصّ مارتن إنديك، في البلاد، يلتقون وزراء ويتحدثون إلى صحفيين، ويخلقون إحساسًا بأنّ التوقيع على معاهدة سلام وشيك”.
“إسرائيل مضطرّة أن تتعاون مع برامج الولايات المتحدة، بشكل أساسيّ خشية أن تلقي الولايات المتحدة اللوم على إسرائيل بفشل المفاوضات، إذا رفضت هذه البرامج”.
“تقديرنا هو أنه مقابل طلب إطلاق إسرائيل تمديد المفاوضات عامًا، سيطلب أبو مازن بدائل أخرى، مثل التجميد أو تحرير أسرى آخرين، وسيدعم كيري هذه المطالب، وتتحوّل بالتالي إلى طلَب أمريكيّ يرافقه تهديد. بالمقابل، لم يدفع العرب أيّ ثمن مقابل المفاوضات منذ أوسلو إلى اليوم”.
“تجري المفاوضات اليوم دون أية أوراق أو وثائق تُمرَّر بين الجانبَين، بسبب رفض العرب عرض وثائق خطيّة. يأتي الأمريكيون بمُقترَحات جاهزة، يتلونها، ولا يتركون للجانبَين أية وثائق. يجري كلّ شيء شفهيًّا. تتعاون حكومة نتنياهو مع مبادرة كيري ليقينها بأنّ الجانب العربيّ لن يقبل الاتّفاق، وبالتالي لن تُطلَب في نهاية المطاف أية تنازُلات أو إخلاء مُستوطَنات”.