كل من يهتم بإسرائيل قد لاحظ بالتأكيد أنّ الكثير من سكان البلاد يرتدون قلنسوة. القلنسوة هي رمز ديني يهودي، وهي في الغالب تدلّ على أنّ من يرتديها هو متديّن. في مناسبات دينية معينة، مثل الصلاة في الكنيس، الجنازات، “التقديس” (وهي تبريكة خاصة على النبيذ في أيام السبت والأعياد)، يرتدي اليهود غير المتديّنين القلنسوة أيضًا.
كما في كل مجتمع، وفي كل دين، ففي المجتمع الإسرائيلي أيضًا هناك أنواع ودرجات مختلفة من التديّن. يقول 65% من اليهود في إسرائيل عن أنفسهم إنّهم علمانيون أو “تقليديون”، ولا يرتدون القلنسوة. ويقول 35% منهم إنّهم متديّنون بدرجة معيّنة ويرتدون القلنسوة. بشكل مثير للاهتمام، يتميّز كل تيّار في اليهودية بقلنسوة من نوع مختلف. إذن فما الذي تشير إليه القلنسوة عمّن يرتديها وعن القطاع الذي ينتمي إليه؟ كل ما تريدون معرفته عن القلنسوات في إسرائيل:
القلنسوة المحبوكة الملوّنة:
مرتدو “القلنسوة المحبوكة” ينتمون إلى أحد أكبر التيارات في المجتمع الإسرائيلي، والذي يُدعى “الصهيونية الدينية”. الكثير من المنتمين إلى هذا التيار هم من المستوطنين، أو من مؤيدي المستوطنات. “القلنسوات المحبوكة” ملوّنة، وفي بعض الأحيان تكون بيضاء وتشتمل على زخرفة من نسيج محيط بها، وفي بعض الأحيان تظهر مع نجمة داود، وهي علامة تربط بين المعتقد اليهودي والصهيوني.
ومن بين التيارات الدينية، يعتبر مرتدو القلنسوة المحبوكة البسيطة أكثر اعتدالا من الناحية الدينية. ستجدون من بين نسائهم، على سبيل المثال، من يرتدين غطاء رأس جزئي فقط، وهناك من لن يرتدينه أبدا، وهو ما لا يمكن رؤيته في المجتمعات الدينية الأخرى.
يمكنكم أن تروا داخل هذا التيار تقسيمًا فرعيّا وفقا لحجم القلنسوة: كلما كانت القلنسوة أصغر، يعتبر الشخص متساهلا نسبيا وأقل تشدّدا (مثل الوزير نفتالي بينيت على سبيل المثال، الذي يرتدي قلنسوة محبوكة صغيرة، ولا ترتدي زوجته غطاء رأس أبدا). وكلما كانت القلنسوة أكبر يكون الشخص الذي يرتديها أكثر تديّنا.
لا يُطلق معظم المنتمين إلى هذا التيّار لحيتهم، ولكن الحاخامات والأكثر تديّنا يطلقون لحية أيضًا بالإضافة إلى القلنسوة.
القلنسوة المحبوكة السوداء
وهي قلنسوة تنتمي إلى التيار الحاريدي – القومي. يعتبر مرتدو القلنسوة المحبوكة السوداء أكثر تديّنا من مرتدي القلنسوات المحبوكة الملونة، ويوجد لدى الكثيرين منهم أيضًا لحية قصيرة ومشذّبة. ومع ذلك، فهم يعرّفون أنفسهم أيضًا كصهاينة، ويخدمون في الجيش (بخلاف التيار الحاريدي)، ويؤيّد معظمهم اليمين السياسي.
القلنسوة السوداء الكبيرة
تنتمي القلنسوة السوداء الكبيرة من القماش إلى الحاريديين. في أحيان كثيرة لا نراها أبدا، لأنّها تختفي تحت قبّعة سوداء أكبر. يشكّل الحاريديون نحو 10% من السكان اليهود في إسرائيل، ويعتبرون التيار الأكثر تشدّدا في اليهودية. يسكن معظمهم في أحياء منفصلة للحاريديين فقط، وترتدي نساؤهم، من دون استثناء، غطاء رأس كامل.
حتى في أوساط الحاريديين يمكن أن نجد تيارات مختلفة، وتختلف بشكل أساسيّ وفقا للحاخام الذي تسير الطائفة على نهجه. بالإضافة إلى القلنسوة السوداء والقبعة، فإنّ معظم الحاريديين يطلقون لحية طويلة، ويرتدون بدلات سوداء وقمصانًا بيضًا. بخلاف المتديّنين القوميين، يمكننا أن نجد من بين الحاريديين ليس فقط يمينيين، وإنما أيضًا من يعرّفون أنفسهم في الوسط السياسي، بل وحتى يساريين يؤيّدون فكرة حلّ الدولتين.
القلنسوة البيضاء الكبيرة
هذه القلنسوة البارزة نادرة نسبيًّا، وتنتمي إلى “الطائفة الحاريدية”، واليهود من تيار “بريسلوف”. تتميّز طائفة بريسلوف بأن معظم أعضائها من الشباب، والكثير منهم “تابوا إلى الدين”، أي أنهم نشأوا في أسر علمانية وانضموا إلى هذه الطائفة الدينية اختيارا. وهم يدعون إلى بهجة الحياة، وأحيانا يمكن أن نراهم يرقصون ويغنّون في شوارع المدينة إلى جانب سيارة كبيرة مزوّدة بالسماعات، من أجل إبهاج المارّة. بالإضافة إلى القلنسوة الواسعة يمكن التعرّف على أعضاء هذه الطائفة بسهولة بفضل السوالف الطويلة المتدلّية من رؤوسهم.