في السنوات الماضية، أصبحت جراحة تصغير المعدة صرعة طبية في إسرائيل، وحلا ناجعا وسريعا لعلاج السمنة، التي تعتبر مرضا مهددا للحياة. وإذا لم يكن ذلك كافيا، فقد وجدت مؤخرا دراسة واسعة النطاق تضمنت آلاف المرضى أن جراحة تصغير المعدة تقلل من خطر الإصابة بمرض السرطان لدى الأشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن بما معدله الثلث. وقد نُشرت هذه النتائج في المجلة الطبية Annals of Surgery.
وتجدر الاشارة الى أن آلاف الاسرائيليين، النساء أكثر من الرجال، يخضعون لهذه العملية كل عام، بمن فيهم السياسيون المشهورون مثل وزير التربية والتعليم السابق، شاي بيرون، ووزير المواصلات الحالي، يسرائيل كاتس، وقد خسر كل منهما عشرات الكيلوغرامات من وزنهم.
إذا كان أنجِزَ في عام 2006 ما معدله 2000 عملية جراحية مختلفة لتصغير المعدة في إسرائيل ففي عام 2016، وفقا لتقديرات الخبراء، جرى ما معدله 10.000 عملية جراحية. في إيطاليا، التي تعتبر واحدة من البلدان ذات نسبة العمليات الجراحية الأعلى في أوروبا، خضع للعملية نحو 10 آلاف شخص في العام الماضي، ولكن يعيش في إيطاليا 60 مليون نسمة، مقارنة بما معدله 8 ملايين في إسرائيل.
يعاني 400 ألف إسرائيلي من السمنة المفرطة
الأسباب التي أدت إلى أن تصبح عمليات تصغير المعدة شعبية جدا في السنوات الأخيرة كثيرة ومتعددة: اليأس العام من الحميات الغذائية الفاشلة، التدريبات البدنية الصعبة، والرغبة في تحقيق نتائج سريعة، وطبعا بسبب مشاركة وزارة الصحة في تمويل العملية، التي تعتبر واحدة من العمليات الجراحية الأكثر خطورة وتعقيدا. في عام 2015 فقط، تحدثت وسائل الإعلام عن وفاة 34 مريضا نتيجة مضاعفات مختلفة بعد إجراء العملية الخطيرة.
يعاني ما لا يقل عن %5 من السكان في إسرائيل من السمنة المفرطة، أي أنهم يستوفون معايير عملية تصغير المعدة التي حددتها وزارة الصحة. المعايير التي حددتها وزارة الصحة واضحة جدا: يجب أن يكون مؤشر كتلة الجسم (BMI) (قسمة الوزن على مربع الطول بالمتر) 35 أو 40 لدى الأشخاص الذين يعانون من أمراض مثل السكري، ارتفاع ضغط الدم، والكبد الدهني. أما لدى الأولاد فيجب أن يكون مؤشر كتلة الجسم أكثر من 50 للسماح لهم باجتياز عملية تصغير المعدة.
وفي الوقت نفسه، هناك في كل مستشفى عام في إسرائيل لجنة يعمل فيها اختصاصي تغذية، طبيب نفسي، عامل اجتماعي، وجراح عام يفحصون، من بين أمور أخرى، ما إذا كان المرشح لإجراء العملية مؤهلا نفسيا لاجتياز العملية. العملية هي مرحلة طويلة الأمد وتتطلب إجراء تغييرات في نمط الحياة وعادات الأكل والحفاظ عليها. وتضع وزارة الصحة قواعد صارمة وتطالب أن يكون المرشحون لاجتياز عملية جراحية مؤهلين نفسيا لاجتياز العملية الجراحية. يبدأ العمل الشاق بعد العملية: هناك حاجة إلى تغيير نمط التفكير، الحياة، وعادات الأكل، حفاظا على الوزن. إن لم يحدث ذلك، هناك احتمال كبير جدا أن يزداد وزن المريض ثانية ويصبح بدينا.
فترة الانتظار حتى إجراء العملية الجراحية طويلة ومعقّدة
ومن المعروف أنه قبل فقدان الوزن الكبير، يضطر المرضى إلى التعامل ليس فقط مع زيادة الوزن، وتعريض حياتهم للخطر، بل مع فترات الانتظار الطويلة في المستشفيات العامة. يمكن أن تصل فترة الانتظار إلى عامين حتى الحصول على الموافقة النهائية لإنجاز العملية.
البدانة ليست ظاهرة فحسب بل هي أيضا مرض خطير، مزمن، ومميت يقصّر حياة المريض بما معدله 13 عاما، هذا وفقا للبيانات التي نشرتها وزارة الصحة في إسرائيل وقد يتوفى بعض الأشخاص خلال الانتظار لإجراء العملية.
عمليات جراحية مُكلفة في المستشفيات الخاصة
في الحالات التي لا يمكن تلبية الاحتياجات لأسباب مختلفة، يدخل المال والمصلحة التجارية: ففي حين أن فترة الانتظار للعمليات الجراحية لتصغير المعدة في المستشفيات العامة طويلة وشاقة، فإن هذه الفترة تكون أقل بشكل مدهش في المستشفيات الخاصة. في بعض هذه المستشفيات، التي لا تخضع لمراقبة وزارة الصحة الصارمة، تكون فترة الانتظار أقل بشكل كبير ويمكن إجراء العملية خلال أسبوعين حتى ثلاثة أسابيع على الأكثر.
العمليّة الجراحيّة الخاصة التي تُجرى في المستشفيات الخاصة مكلفة جدا ويمكن أن يتراوح سعرها بين 1600 دولار حتى 4200 دولار اعتمادا على نوع الجراحة المطلوبة والطبيب الجراح. كلما كان الجراح ذو سمعة جيدة وخبيرا في هذه العمليات الجراحية، تزداد التكلفة الإجمالية لهذه العمليات.
هناك خدمة أخرى يقدمها جزء من المستشفيات الخاصة في إسرائيل وهي مرافقة طبية مباشرة بعد العملية. ويقدم الخبراء في المستشفيات التي تُجرى فيها العملية، مقابل دفع ما معدله 250 حتى 500 دولار، عددا من الجلسات الشخصية مع اختصاصيين اجتماعيين وخبراء تغذية يرافقون المرضى ويرشدونهم حول اتباع نمط حياتهم بعد العملية.
وجدت مؤخرا دراسة واسعة أن جراحة تصغير المعدة تقلل من خطر الإصابة بمرض السرطان
وتكمن المشكلة في أنه نظرا لأن العمليات في المستشفيات الخاصة لا تخضع للرقابة، فإن فرص حصول مشاكل فيها، يكون عال جدا. ففي حين تكون غرف العمليات في المستشفيات العامة مجهّزة بأجهزة للتدخل الجراحي السريع في حالة حدوث مضاعفات، تعاني المستشفيات الخاصة من نقص في المعدّات المتطورة الضرورية للتدخل في حالات الطوارئ.
في العامين الماضيين، أصبحت إسرائيل رائدة في عمليات تصغير المعدة، ويصل معدل هذه العمليات فيها إلى 14 ضعفا مقارنة بألمانيا، وإلى نحو أربع أضعاف عدد العمليات في الولايات المتحدة. يحذر الخبراء من أن هناك العديد من المرضى في إسرائيل لا يعانون من السمنة، رغم هذا يقررون الخضوع لعملية جراحية معقّدة فى المستشفيات الخاصة لأسباب جمالية فقط. ولماذا تشكل هذه الحقيقة مشكلة؟ لأن كل مريض عاشر يخضع لهذه العملية الجراحية المعقدة، يتعرض لمضاعفات.
حتى بعد العملية، لا يحظى العديد من المرضى بمتاعبة صحية ويحتاج الكثير منهم في وقت لاحق إلى إجراءات جمالية إضافية لإزالة الجلد الزائد المتبقي بعد فقدان الوزن الكبير، وتصل تكلفة هذه العمليات الجراحية إلى 5000 حتى 8300 دولار.