مخطوط حلب هو أحد المخطوطات الأكثر أهمية للكتاب المقدس، وأعلنت عنه أمس (الثلاثاء) اليونسكو كإرث ثقافي عالمي. يُعرض المخطوط في هذه الأيام في متحف إسرائيل.
كُتب مخطوط حلب عام 930 للميلاد، وهو يعتبر المخطوط الأكثر أهمية ودقّة في العالم للكتاب المقدس، وفي الواقع فهو أول كتاب مقدّس مجلّد تمت صناعته. والآن يحظى المخطوط باعتراف عالمي مميّز – لقد قررت منظمة التربية، العلوم والثقافة التابعة للأمم المتحدة الاعتراف به كإرث ثقافي عالمي.
كان الكتاب في بعض الأحيان معرّضا لخطر الفقدان: لقد سُرق في المرة الأولى قبل نحو ألف عام، في القرن الحادي عشر، من قبل الحكم الصليبي ونُقل إلى مصر، وأما في المرة الثانية فقد سُرق قبل قيام دولة إسرائيل في أعقاب أعمال شغب قامت بها الجماهير المُحرَّضة في حلب بسوريا، ضدّ الجالية اليهودية في المكان.
والآن، بعد 57 عاما من نقله إلى إسرائيل في عملية سرية امتدّت لنحو نصف عام، اعترفت اليونسكو بالمخطوط المعروف بأنّه الكتاب المقدس المجلّد الأول في العالم باعتباره كمقتنى فريد من نوعه وذا خصائص عالمية استثنائية.
ويُعرف المخطوط، من بين أمور أخرى، باعتباره المخطوط الذي استخدمه أيضًا الرمبام (موسى بن ميمون) لأهداف كتابة تعاليمه. وقد عُرف ليس فقط بسبب أهميته الكبيرة، وإنما أيضا بسبب الدراما والغموض اللذين أحاطا به. بعد أن سرق الحكم الصليبي في القرن الحادي عشر المخطوط، تم شراؤه بمبلغ هائل من قبل الجالية اليهودية في القاهرة في القرن الثاني عشر. ومن ثم، في القرن الرابع عشر، وصل إلى حلب في سوريا. ومرة أخرى كان معرّضا للخطر، كما ذكرنا، في أعقاب أعمال شغب ارتكبها الرعاع في الكنيس القديم في حلب عام 1949.
وقد انتهى هذا الشغب بحرق الكنيس والاختفاء الغامض للمخطوط على مدى عقد. ففي البداية ساد الاعتقاد أنّ المخطوط نفسه قد احتُرق. بعد عدة أشهر من ذلك كشف مهاجرون من حلب لرئيس دولة إسرائيل الأسبق، إسحاق بن تسفي، أنّ المخطوط لم يُحرق ولم يُفقد، ولكنه لا يزال موجودا في حلب، وقد أشاعت الجالية اليهودية إشاعات عن فقدانه حتى لا يُبحث عنه.
في عام 1957 فقط، بعد عدة محاولات فاشلة، تم تهريب مخطوط حلب إلى إسرائيل في عملية سرية. منذ أن تم إخفاؤه فُقدت من الكتاب بعض الصفحات لذلك فهو يتضمن اليوم 295 صفحة فقط من بين 487 صفحة من الكتاب الكامل. مرّ المخطوط، على مدى سبع سنوات، عمليات صيانة وترميم شاملة في مختبرات متحف إسرائيل وهو معروض للجمهور الآن في جناح مزار الكتاب في المتحف .
في أعقاب الاعتراف الذي أعلنته اليونسكو، سيتم تضمين توثيق الكتاب في “سجل ذاكرة العالم” التابعة لليونسكو، والتي يمكن أن نجد فيها “ممتلكات ثقافية عالمية وذات خصائص استثنائية”، وفقا لتعريف المنظمة. تأسس “سجل ذاكرة العالم” التابع لليونسكو عام 1995 ويشتمل على نحو 300 مقتنى ومجموعات منتخبة وفريدة من جميع أنحاء العالم.