يسود في أوساط قيادة حركة حماس غضب كبير إثر تقارير نشرتها صحيفة “الأخبار” اللبنانية التابعة لحزب الله اللبناني من غزة وتتحدث فيها عن صور رأت فيها الصحيفة، أنها مغايرة عن الحياة المعروف عنها في القطاع من أوضاع سياسية واقتصادية واجتماعية صعبة بتناول قضايا اعتبرتها حماس تشويهاً لسكان غزة.
ونشرت الصحيفة تقريرا تحت عنوان “التحرّش والرشوة الجنسية يلاحقان الباحثات عن عمل”، متهما شخصيات بارزة في غزة منها مسؤول في الأونروا بعرض عمل لفتيات مقابل ممارسة الجنس معهن. بالإضافة إلى محاولات مماثلة من مسؤولين في مؤسسات حقوقية وأهلية وشبابية وصحافية كبيرة بغزة.
وأتى التقرير بأسماء لم يشير لها بشكل كامل لفتيات تحدثن عن تجربتهن في محاولة البحث عن العمل وعرض ممارسة الجنس عليهن مقابل العمل في مؤسسات كبيرة ومعروفة.
وقد ضجت وسائل الإعلام بغزة كثيرا حول التقرير الذي التزمت حماس رسميا الصمت تجاهه، قبل أن تقرر التحقيق مع الصحفي أمجد ياغي الذي أعد التقرير من غزة وأعد تقارير مسبقا عن التقارير الطبية المزورة في القطاع وغيرها من التقارير التي اعتبرت الدائرة الإعلامية في حماس أن هدفها هو تشويه قطاع غزة.
مصادر خاصة قالت أن حماس مستاءة جدا وتعتقد أن التقارير متعمدة من قبل إدارة الصحيفة اللبنانية التابعة لحزب الله، وأن قيادات من الحركة في بيروت سترسل رسالة احتجاج واضحة لإدارة الصحيفة ولقيادة الحزب رفضا لتلك التقارير.
وفي ذات الوقت – تقول المصادر- فإن جهات في حماس ترى في تلك التقارير بأنها صحيحة ومهمة لمنحها القوة في مواجهة المسؤولين الذين يعتبرون أنفسهم بأنهم يمتلكون حصانة في مواجهة القانون أمام قضايا التحرش وغيره، وهو الأمل الذي دفع أحد مسؤولين المؤسسات الحقوقية لمغادرة قطاع غزة إلى الأردن بعد قضايا تتعلق بالتحرش والاتصال بجهات خارجية.
واستبعدت المصادر أن تكون قيادة حزب الله تعلم بالتقارير قبل نشرها، لكنها أشارت إلى أن مسؤولين في الحزب يطلعون على الصحيفة وقد يكونوا وافقوا على نشر تلك التقارير في إطار الخلافات المتواصلة مع إيران بالرغم من أن العلاقة جيدة بين قيادتي حماس والحزب على غير تلك المتعلقة بطهران التي يبدو أنها لا تزال تسيطر بشكل كبير على الحزب وتسعى لمحاولة تشويه صورة حماس كحركة سنية.
وعلى الصعيد الداخلي في غزة، تناول الغزيون التقرير بكثافة عبر شبكات التواصل الاجتماعي وأثير حوله الكثير من الضجيج بين مؤيد له ورافض له. وكانت من أبرز التعليقات ما أثير على صفحة معد التقرير ذاته “أمجد ياغي”.
وأكد بعض المعلقين في صفحة ياغي أن ما سرده في تقريره “غيض من فيض” كما وصفه صحفي يُدعى “محمد الأطرش”. فيما طالب آخرون بالتحقيق بنزاهة فيما جاء بالتقرير من خلال القضاء والجهات الرسمية.
وأوعز آخرون منهم الناشط فادي أبو حسان ما يجري إلى ما قال عنها “التربية العقيمة” و “النظام الإسلامي”. فيما رأى آخرون أن التقرير مبالغ فيه بشكل كبير ولا يتناسب مع حقيقة الواقع المحافظ في المجتمع بغزة.
الصحيفة في عددها الصادر اليوم الاثنين، أصدرت توضيحا قالت فيه أنها ستبقى مع “المقاومة” في غزة رغم التباين في الموقف السياسي. وفق وصفها. في إشارة للاختلاف مع حماس في العديد من القضايا منذ الأزمة السورية.
وأشارت إلى أن وسائل إعلام فلسطينية، منها الرسالة المحسوبة على حماس، نشرت تقاريرا مماثلة كإحداها الذي حمل عنوان “العلاقات الغرامية والابتزاز يمهد له الجنس الإلكتروني” في الحادي والعشرين من أيار/ مايو 2013، وآخر بعنوان “التحرش اللفظي .. أذى مكتوم في صدور الفتيات” في التاسع من أيار/ مايو 2015.
ولم تقدم الصحيفة أي اعتذار واضح كما حاولت بعض المواقع الفلسطينية التسويق لذلك بعد اتهامات لمسؤولين عنها بالتورط في تلك القضايا.
وقالت الصحيفة أن قطاع غزة، كأي مجتمع في العالم، فيه الجيد والسيئ. والإضاءة على هذه المشكلة ليست إهانة أو هجوما على أي فصيل، أو محاولة لتشويه صورة أحد، بل محاولة للفت الانتباه الى مشكلة اجتماعية لا يجوز إضفاء الطابع السياسي أو الطائفي عليها.
ولفتت إلى أن مراسلها ياغي يمتلك تسجيلات خاصة بالتحقيق سيتم استخدامها في أي إطار قانوني فقط مع التحفظ على المصادر وعدم كشفها. مشيرةً إلى كل الأسماء التي ذكرت عبر مواقع محلية أو صفحات فيس بوك وقيل إنها جزء من المتحرشين، لا علاقة لها بالتحقيق.