النائب دافيد بيتان، رئيس الائتلاف الحكومي، معروف بصفته مثير العواصف الأكثر شعبوية في الكنيست الإسرائيلي الحالي، رغم المنافسة الشرسة.
تطرّق بيتان، الذي لا تدلّ تصرفاته حتّى الآن سوى أنه بوق نتنياهو، إلى دعوة رئيس الحكومة لمقترعي اليمين في يوم الانتخابات أن يذهبوا إلى مراكز الاقتراع، لأنّ العرب يتدفقون بجماهيرهم إلى الصناديق. “كنتُ أفضّل ألّا يتدفق العرب إلى صناديق الاقتراع، بل ألّا يذهبوا إليها أبدًا”، قال بيتان. ولا يتوقف الأمر على ذلك، بل إنه يعرف أيضًا ما هو الأفضل للعرب: “97% منهم ينتخبون القائمة المشتركة، التي لا تمثّلهم، بل تمثّل المصلحة الفلسطينية”.
تُخفي توضيحات اليوم التالي وسذاجته مثل “لا أفهم ما ليس على ما يُرام هنا” و”كل حزب يريد أن لا يصل خصومه إلى صناديق الاقتراع” حقيقة عنصرية قاسية. ما غير السليم هنا؟ في الواقع، كلّ شيء.
لا تُدهشني ظلامية النائب بيتان. ليس هذا جديدًا، فما تغيّر هو وقاحة اليمين المتطرف بالكشف عن وجهه الحقيقي دون حياء أو خجل. لا تجلب هذه الأقوال المتطرفة سوى المصائب. أفلا يعرف النائب بيتان التاريخ؟ إنّ أقوالًا كهذه، لو قيلت ضدّ اليهود في أوروبا أو الولايات المتحدة في أيامنا، كانت ستُحدث عاصفة مخيفة. فهل ستكون الخطوة التالية لبيتان تقليص ظهور العرب في المشهد العامّ؟ ربّما نختصر المراحل ونعلّق سمة مميّزة على ملابسنا، أو إشارة تعريف في الطريق إلى صندوق الاقتراع في الانتخابات القادمة !
تُخفي دعوة النائب بيتان إلى سلب حق الاقتراع خطرًا كبيرًا آمل أن لا يقتصر فهم خطورته على العرب. مَن لا يريد أن يرى في إسرائيل عربًا، لن يرغب لاحقًا في رؤية يهود من اليسار، وأظنّ أنه لن يرغب بعد ذلك في رؤية تعدّد أحزاب، وبالتأكيد يُفضِّل أن ينتقل الحُكم بالوراثة من زعيم إلى خلَفه داخل حزب الليكود. هناك ما يكفي من الأنظمة من هذا النوع في الشرق الأوسط. شكرًا !
لا يزال بعض العرب في البِلاد سُذَّجًا بما فيه الكفاية ليتوقعوا على الأقل استنكارًا من جانب رئيس الحكومة نتنياهو. حتى إنّ البعض يحلمون في إقصاء النائب. فليستمروا في أحلامهم… بيتان هو نتنياهو، ونتنياهو هو بيتان بالنسبة إلى النظرة الدونية تجاه السكّان العرب في إسرائيل، حقوقهم، صراعاتها، وهويتها القومية.
كلمات بيتان هي تحريض وقِح لم يكن ليمُرّ مرور الكرام في ديمقراطية صالحة. بيتان هو كالكثيرين في الحزب الحاكم (الليكود وإلى اليمين منه) الذين فهموا المعادلة: الشعبوية والتحريض ضدّ الأقليات = زيادة القوة السياسية.
لا يمكن لمواطني إسرائيل اليهود أن يسمحوا لأقوال كهذه بأن تمرّ بهدوء. يُقال بالعربية: “الساكت عن الحق شيطان أخرس”.
أدعو زملائي العرب من الجيل X والجيل Y في إسرائيل الذين يرَون كيف تضرب أمواج الشعبوية الرخيصة والعنصرية أُسس الديمقراطية الإسرائيلية: تدفّقوا بأعداد كبيرة إلى صناديق الاقتراع بكلّ وسيلة ممكنة: بالسيارات، مشيًا على الأقدام، وبالحافلات المنظّمة. برِّروا تصريح نتنياهو من الانتخابات السابقة، وبرهِنوا للنائب بيتان أنّ لكلّ قول غير موزون عملًا مُضادًّا. اختاروا ممثّليكم، من أي حزب كانوا. شارِكوا في اللعبة الديمقراطية بكلّ قوتكم، وإلّا فإنها ستدوسكم.